قبل الرد على ما تفضلت به أود أن أسجل غبطتي وإعجابي الكبير بما لمسته فيكم من خلال مشاركاتكم في صفحات الفصيح من مهارة في الحوار والتزام بآدابه وإيصال الفكرة بأقصر الطرق، وإنما ينم هذا على علم وخلق، وتانك فضيلتان لا يحوزهما إلا فاضل!
وفيك بارك الله أخي الحبيب عليا، وزادك الله علوا ورفعة. إطراؤك أخي الحبيب يسعدني، وإن كنت أرى نفسي دون ما ذكرت، جعلني الله وإياك من معلمي الناس الخير.
** لعله سهو منك وأنت تريد الميم (لام الفعل). صدقت أخي الكريم، وجزاك الله خيرا
أقول نعم، الأصل (قوَمتم) ولكن إعلال الواو سابق على الإسناد إلى التاء، بمعنى أن الإسناد إلى التاء لم يحدث إلا بعد الإعلال، وعليه لم يؤد الإسناد إلى التاء إلى توالي أربع حركات لأن العين قد سكنت قبل الإسناد، ولو لم يسكنوا لام الفعل لما اضطروا إلى حذف العين المعلة، ولتحقق لهم ثلاثة أمور مجتمعة هي: الاحتفاظ بعين الفعل، وظهور البناء على الفتح، وعدم توالي أربع متحركات، ولكن يبدو أن حذف فتح لام الفعل أمر مقصود لعلة أخرى غير كراهة توالي الحركات وهي علة تتعلق بالدلالة المعنوية وتجنب اللبس المحتمل فيها. حتى لو كان إعلال الواو سابقا على الإسناد للتاء فاعتبار الأصل هو الكثير الغالب عندهم، ألا تراهم في مثل إعلال يخاف نقلوا فتحة واو يخْوًف إلى الخاء فسكنت الواو ثم أعلوا الواو على اعتبار تحركها في الأصل وسبقها بمنفتح، وإن كانت هي نفس الحركة وإنما اعتبروها في مكانين في نفس الوقت، وهي أشكل من اعتبار أصل الحركة هنا
وأما اطراد حذف همزة التعدية من المضارع المزيد بها فهو يختلف عما نحن فيه فالهمزة حرف زائد ولا يتوقف عليه تغيير علامة بناء ولا إعراب. أعرف أخي لكن قصدت أنهم يطردون القواعد كثيرا، وربما كان طرد القاعدة في المهم أولى
وهنا أيضا أقول إن إسكان فاء الفعل في السداسي سابق على الإسناد إلى التاء وهو كفيل بالتخلص من توالي المتحركات إذا أسند إلى التاء، ومثله الرباعي، وأما القول بطرد قاعدة توالي الحركات فقد ضعفه ابن مالك كما رأيت فيما نقله أخونا الحبيب خالد سالم إذ إن ما لا يقع فيه التوالي أكثر مما يقع فيه.
أما كون إسكان فاء الفعل سابق على الإسناد إلى التاء فقول يحتاج إلى دليل، ولا يكفي القول بأن استغفر سابق على استغفرت لأن كليهما متضمن للفاعل بارزا أم مستترا، ولو صح ذلك لبقي أن الأصل تحرك أحرف غفر الثلاثة والعمل على الأصل كما سبق. وأما رأي ابن مالك فعلى العين والرأس ويقابله رأي ابن هشام، وغيره، وكما أن في نفسك شيئا من تعليل ابن هشام، فكذلك في نفسي شيء من تعليل ابن مالك.
أخي نية الانفصال لا تخفف الثقل الناشئ من توالي الحركات، وما دامت الكلمة تنطق لفظا واحدا فلا تؤثر فيها النية لأن الثقل أمر لفظي خالص. بل تخفف وهذا الواقع، فأين الثقل في ضربنا مع نا المفعولين؟
ما قبل نون النسوة ساكن أبدا، فهو ساكن في الماضي والمضارع والأمر، ولو صح القول إن سكون ما قبلها في الماضي إنما هو لتجنب توالي الحركات لصح القول إن المضارع الذي تتصل به معرب وعلامته ضمة مقدرة في الرفع وفتحة مقدرة في النصب وإنما أسكن ما قبلها قياسا على إسكانه في الماضي لتوالي الحركات.
هذا أيضا كلام يعوزه الدليل، والسبب أن المضارع لا يتصل بتاء الفاعل ونا الفاعلين ولعلهم لو وصلوا المضارع بتاء الفاعل ونا الفاعلين لسكنوا معهما المضارع ولما أصبح لنون النسوة خصوصية.
أحترم رأيك أخي، ولا سيما أنه قول قال به بعض علمائنا، وكذلك قال بعض علمائنا ببعض ما ملتُ إليه (أعني تعليل ابن مالك بإرادة التفريق بين ضميري الرفع والنصب)، وتقبلوا خالص ودي واحترامي.
وأنا أحترم رأيك أخي وأحبك في الله، وإنما أردنا الفائدة، والمسألة لا يؤثر فيها ولله الحمد اختلاف التعليل فالأصل الاتفاق.
وجزاك الله خيرا