وجوابي عن (2 - ) من جهتين أيضا: الأولى طرد القاعدة، والثانية أن استعصمت واستغفرت، أجريت فيها قاعدة منع توالي أربعة متحركات مرتين لا مرة واحدة؛ الأولى عند اتصال استَ بـ عَصَمَ فأسكنت العين (فاء الفعل)، والثانية عند اتصال ضمير الرفع المتحرك، فسكون فاء الفعل ولامه لنفس العلة، وما كانوا ليعملوها في الفاء ولا يعملونها في اللام.
وهنا أيضا أقول إن إسكان فاء الفعل في السداسي سابق على الإسناد إلى التاء وهو كفيل بالتخلص من توالي المتحركات إذا أسند إلى التاء، ومثله الرباعي، وأما القول بطرد قاعدة توالي الحركات فقد ضعفه ابن مالك كما رأيت فيما نقله أخونا الحبيب خالد سالم إذ إن ما لا يقع فيه التوالي أكثر مما يقع فيه.
وجوابي عن (3 - ) أن العرب إنما ارتضوا توالي أكثر من أربعة متحركات في مثل ضربهما لأن ضرب وهما في نية الانفصال، لأن المفعول به حقه الانفصال عن الفعل بالفاعل، أما ضمير الفاعل فكالجزء من الفعل، وقد يضمر فيه.
أخي نية الانفصال لا تخفف الثقل الناشئ من توالي الحركات، وما دامت الكلمة تنطق لفظا واحدا فلا تؤثر فيها النية لأن الثقل أمر لفظي خالص.
وأما تعليلك بإسكان ضربت خشية اللبس حال الوقف بين تاء الضمير وعلامة التأنيث. فأقول: وما تقول في ضربنَ بإسناد الفعل لنون النسوة؟
إن قلت بطرد القاعدة، أو إجراء الفرع مجرى الأصل، فكذلك يقال في طرد قاعدة توالي أربعة المتحركات.
ما قبل نون النسوة ساكن أبدا، فهو ساكن في الماضي والمضارع والأمر، ولو صح القول إن سكون ما قبلها في الماضي إنما هو لتجنب توالي الحركات لصح القول إن المضارع الذي تتصل به معرب وعلامته ضمة مقدرة في الرفع وفتحة مقدرة في النصب وإنما أسكن ما قبلها قياسا على إسكانه في الماضي لتوالي الحركات.
الذي أراه والله أعلم أن طرد القاعدة في توالي المتحركات أقرب من إيجاد علة مختلفة لكل حالة.
هذا والله تعالى أعلم
أحترم رأيك أخي، ولا سيما أنه قول قال به بعض علمائنا، وكذلك قال بعض علمائنا ببعض ما ملتُ إليه (أعني تعليل ابن مالك بإرادة التفريق بين ضميري الرفع والنصب)، وتقبلوا خالص ودي واحترامي.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[03 - 05 - 2009, 01:06 ص]ـ
للفائدة:
قال أبو حيَّان الأندلسيُّ -رحمه الله- في «التَّذييل والتَّكميل في شرح كتاب التَّسهيل» (2/ 144، 145):
(واختلفوا في تعليلِ سكونِ آخرِ الفعلِ: فأكثر النَّحويِّينَ علَى أنَّه إنَّما سُكِّنَ؛ لئلاَّ يتوالَى أربعُ حَرَكاتٍ في شيئين هما كشيءٍ واحدٍ؛ لأنَّ الفاعلَ كجزءٍ من الفعلِ.
وقد ضعَّفَ المُصنِّفُ [ابن مالكٍ] هذا القولَ في الشَّرحِ [«شرح التَّسهيل»] بأنَّ التَّعليلَ عامٌّ، والعلَّة قاصرة؛ إذ لا يُوجد التَّوالي إلاَّ في الثُّلاثيِّ الصَّحيح، وبعض الخُماسيّ؛ نحو: انطلقَ، والكثيرُ لا تتوالَى فيه؛ فمراعاتُهُ أَوْلَى. وبأنَّ توالِيَها لم يهمل؛ بدليل: عُلَبِطٍ، وعَرَتُنٍ، وجَنَدِلٍ، والأصل: عُلابِط، وعَرَنْتُنْ، وجنادِل عند البصريِّ، وجَنَدِيل عند الكوفيِّ؛ فحذفوا، ووالَوْا بينها. فلو كان التَّوالي منفورًا عنه طبعًا، ومقصودَ الإهمال وَضْعًا= لم يتعرَّضوا إليه دونَ ضرورةٍ، ولسدُّوا باب التَّأنيث بالتَّاءِ؛ نحو: شَجَرَة، ومَعِدة، ولَبُؤة. ولا يُعتذَرُ عن هذا بأنَّ تاءَ التَّأنيثِ في تقديرِ الانفصالِ؛ لكونِها جزء كلمةٍ لا يقومُ غيرُها مقامَها، ولا يُستغنَى عنها، بخلافِ تاء فَعَلْتُ؛ فإنَّها جزءُ كلامٍ تامٍّ، وتَقْبَلُ الاستغناءَ عنها بغيرِها؛ نحو: (فَعَلَ زيدٌ).
قال المصنِّفُ: «وإنَّما سببُه تمييز الفاعل من المفعولِ في نحوِ: أكرَمْنا وأكرَمَنا، ثُمَّ حُمِلَتِ التَّاءُ والنُّونُ علَى «نا»؛ للمُساواةِ في الرَّفع، والاتِّصال، وعدم الاعتلال» انتهى.
وهذه التَّعاليل تسويدٌ للورَقِ، وتخرُّصٌ علَى العَرَبِ في موضوعاتِ كلامِها، وكانَ الأَوْلَى أن نضربَ صفحًا عن ذِكْرِ هذا كُلِّهِ) انتهى كلامُ أبي حيَّان.
منقول من نقل إحدى الأخوات لكلام ابن حيان , نقلته هنا للفائدة.
شكر الله لك أخي خالدا، والشكر موصول للأخت التي نقلت النص.
تحياتي ومودتي.
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[05 - 05 - 2009, 01:06 م]ـ
أخي العزيز أبا عبد القيوم
بارك الله فيك وكثر أمثالك أيها النبيل الكريم!
¥