- لو قيل بحذف اللام مع حركة الإعراب، لاقتضى ذلك أن تكون الألف زائدة لا خلفًا عن اللام، ولتغيرت زنة الاسم المقصور، مما يحدث اضطرابا في الميزان الصرفي، فنقول في زنة "هُدى" فُعى" لا "فُعل"، وهذا مخالف للقواعد الصرفية التي لا تعتدُّ بالإعلال القلبي عند زنة الكلمة.
- القول بحذف لام الاسم المقصور، وجعلُ الألف مجردَ امتدد للفتحة قبلها، ينقل التغيير في الاسم المقصور من مصطلح الإعلال القلبي إلى الإعلال بالحذف، والأمران مختلفان ومتغايران، وكلاهما من أبواب الإعلال التي تدرس في علم التصريف.
- لو ساغ لنا أن نقول ذلك في الاسم المقصور لساغ أيضا سحبُه على الفعل المعتل الآخر بالألف، بناء وإعرابا، كما في "سمَا"، و"يخشى".
فعلامة البناء في الأول وعلامة الإعراب في الثاني (بعد تركيبهما في كلام) وفقًا لهذا الرأي مقدرتان على الآخر المحذوف، والألف المقصورة إنما هي امتداد للفتحة التي قبلها؛ وهذا الرأي من تأثير علم الصوتيات الحديث، وهو -أي علم الصوتيات- على أهميته وفائدته مستمدة معظمُ أصوله وقواعده من علوم الألسنية الغربية. وتطبيقها على قواعد اللغة العربية وأصولها ينبغي أي يكون بحذر وتحفظ.
ولا يَعني كلامي هنا إهمالَ علم الصوتيات، فلهذا العلم جذور في التراث اللغوي والشرعي عند العرب، وبخاصة في علمي التصريف والتجويد، ولا يُنكَر ما له من تأثير في العلوم اللغوية، وبخاصة في علوم الاشتقاق والنحو والتصريف.
- الخروجُ على النمطية والقياسية في قواعد النحو العربي، وهذا ما أشرتم إليه في ثنايا كلامكم.
والذي أرى -وفقا للقياس العربي- أن الألف في الاسم المقصور هي محلُّ الإعراب، ولكن تُحذف هذه الألف لفظا في الأسماء المقصورة المنصرفة المنكرة، ويكون عندئذ تقدير حركة الإعراب على الآخر المحذوف (الذي هو الألف) للتخلص من أحد الساكنين، كما في قوله تعالى: "فيه هدًى للمتقين"؛ إذ يجتمع التنوين (وهو نون ساكنة) مع الألف (الملازمة للسكون): "هُدانْ" فيُحذف أخفُّهما دفعا لالتقاء الساكنين، وهو الألف التي هي لام الكلمة، فيُقدر الإعراب عليها. فـ"هدًى" هنا: مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر على الألف المحذوفة للتخلص من أحد الساكنين.
والله تعالى أعلى وأعلم.
هذا ما حضرني الآن، وقد يكون للكلام بقية.
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[18 - 05 - 2009, 11:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أستسمحك في مخالفتك في رأيك، مع الاحترام والتقدير الكاملين لك.
فاعددْ - أستاذي الفاضل - مخالفتي لك هنا من باب مخالفة الطالب لشيخه (وليعذرني أخي المشير على سلخ معناه).
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأرحب بمخالفتك وأعدها من مخالفة الطالب للطالب.
إن لام الكلمة (ولا تنفك عنها حركة الإعراب) في الاسم المقصور عُوض عنها الألفُ مع الحركة المقدرة؛ لأنه من الجلي أن الألف تتعذر فيها الحركة لسكونها أبدا. نعم أوافقك في أن لام الكلمة لا تنفك عنها حركة الإعراب ولذلك حذفت معها، ومطلت الحركة تعويضًا صوتيًّا.
أما أن الألف تتعذر معه الحركة فصحيح لأنه حركة طويلة، ومع ذلك فأصحابك يزعمون عند الحاجة أن الألف يحرك فيتحول إلى همزة هكذا!
والقولُ بحذف حرف الإعراب مع علامته، وبعدم تقدير الإعراب في الاسم المقصور يؤدي إلى أمور منها:
- عدم اعتبار العوض، علما أن العوض يأخذ الحكم النحوي للمعوض عنه غالبا، وذلك يتجلى في الألف المنقلبة عن واو أو ياء، وقد لا تكون هذه الألف منقلبة أصلا، كما في الألف المزيدة للتأنيث، أو المزيدة للإلحاق، وفي هذه الحالة تكون هي محلَّ الإعراب؛ وهي في ذلك مثل تاء التأنيث وياء النسب وغيرهما من الزوائد الأواخر التي أصبحت محالًّا للإعراب. العوض هنا صوتي، وليس كل عوض يأخذ حكم المعوض، فالتاء في (عدة) في زعمهم عوض من الواو ولا تأخذ حكمها. فليس هذا على إطلاقه. أما ما انتهى بألف تأنيث فأصلها الهمزة التي تظهر عليها الحركات ولكنها حذفت مع حركتها ومطلت الفتحة التي قبلها وهكذا نشأت الألف.
¥