قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} البقرة31 - 33
ولسائل أن يسأل: إلى مَنْ يرجع الضمير في عرضهم ومَن المشار إليهم بـ (هؤلاء، وإلى مَنْ يرجع الضمير في (بأسمائهم)؟
والجواب أن الضمير يعود إلى أصحاب الأسماء وأن المشار إليهم هم أصحاب الأسماء وإليهم يعود الضمير في (بأسمائهم) فـ (الأسماء كلها) – والله أعلم – تعني أسماء الأشياء كلها – أي كل ما كان من شأن آدم أن يعلمه في حياته.
ثم له أن يسأل: إذا كان الضمير عائدًا للأشياء كلها فلم جاء بصيغة جمع المذكر العاقل (عرضهم) ولم جاءت الإشارة إليها بـ (هؤلاء) الذي وضع للإشارة إلى العقلاء؟
والجواب أن ذلك لأحد أمرين: أولهما أن هذه الأشياء كان منها العاقل وغير العاقل فغلب العاقل على غير العاقل كقوله تعالى: {فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} النور45 وهذا أمر شائع في العربية.
والثاني أن الله تبارك وتعالى عندما سمّى هذه الأشياء بأسماء وعلمها آدم اكتسبت هذه الأشياء قدرًا بهذه التسمية، وصار لها شان، فاستحقت – وإن كانت لا تعقل – أن تعامل معاملة العقلاء، فبهذه التسمية الكريمة من الله تبارك وتعالى وبهذا العلم الذي آتاه الله آدم بهذه الأسماء ستكون لهذه الأشياء قيمة كبيرة، فستكون هذه الأسماء الأساس الذي تبني عليه العلوم والمعارف كلها ولولا عِلْمُ الأسماء لما كان هناك أي علم من العلوم.
ثم إن كل شيء_ وإن لم يكن عاقلاً كبني آدم_ آتاه الله سبحانه من الإدراك ما يعرف به خالقه ويسبحه {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} الإسراء44
أفلا يستحق من يسبح بحمد الله أن يعامل معاملة العقلاء فيرجع الضمير إليه كما يرجع إلى العقلاء؟
فالله تبارك وتعالى علّم آدم أسماء كل الأشياء الحسية منها والمعنوية كما علمه أسماء الملائكة والأنبياء عليهم السلام، لكل ذلك رجع الضمير إليهم بـ (هم) فكل شيء بعد التسمية صار له ذكر مرفوع ومقام مشهود ولكل مخلوق خصائص ووظائف، ولكل خصيصة اسم ولكل وظيفة اسم ولكل معنى من المعاني اسم، والله علَّم آدم كل هذه الأسماء، وأصحاب هذه الأسماء يستحقون أن يرجع إليهم الضمير والإشارة كما يرجع إلى العقلاء الذين كرَّمهم الله بالإدراك. والله أعلم.
كتبت هذا كما مر– بعيدًا عن مكتبتي -، فليعذرني القارئ الكريم إن لم أرجع فيما كتبت إلى كتب التفسير – ولا أدري أذكر مثل هذا التوجيه فيما ذكر أم لا؟ ولعل أساتذة الفصيح يقوِّمون ما قدَّمت.
والله أسأل أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
مع التحية الطيبة.
ـ[الخلوفي]ــــــــ[31 - 03 - 2006, 03:11 ص]ـ
اخي الكريم الأغر:
أهلا بعودتك الينا ولقد مررتُ على طلبك ومشارتك فأعجبني روعة بيانك وسعة علمك فزادك الله علماً في لغة القرآن الكريم وهيأ لك اسباب العودة الى موطنك أم القرى انه سميع مجيب
ورحم الله عبداً قال آمين
ـ[معالي]ــــــــ[03 - 04 - 2006, 02:33 ص]ـ
أستاذي الأمجد أ. د. أبا محمد
وفقك الله لخيريْ الدنيا والآخرة ..
لستُ من أساتذة الفصيح لأعقّب على ما تفضلتم به، وكم أجد من بالغ الحرج _عَلِمَ الله_ حين أتحدث بين يديْ مشاركاتكم _أستاذي الكريم_!
ولكن لعلي أخطئ فتصوّبون أو أزل فتقوّمون، بارك الله فيكم ونفع بعلمكم.
ولسائل أن يسأل: إلى مَنْ يرجع الضمير في عرضهم ومَن المشار إليهم بـ (هؤلاء، وإلى مَنْ يرجع الضمير في (بأسمائهم)؟
والجواب أن الضمير يعود إلى أصحاب الأسماء وأن المشار إليهم هم أصحاب الأسماء وإليهم يعود الضمير في (بأسمائهم) فـ (الأسماء كلها) – والله أعلم – تعني أسماء الأشياء كلها – أي كل ما كان من شأن آدم أن يعلمه في حياته.
¥