وما سبق لا يلزم منه تنقصي لإمام نحاة البصرة، كما فعل صاحب كتاب" جناية سيبويه على النحو"، بل هو من باب دفع الغلو فيه، وتقرير بشريته، وإمكان تخطئته فيما لم يوفق فيه، من قبل علماء الشريعة المطلعين على اللغة، فضلا عن المتخصصين فيها. والله الموفق.
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[20 - 05 - 2006, 04:21 ص]ـ
ما زلتُ أبحث عن مفحص قطاة في ذراكم أيها المحلقون في علياء النحو، لعل بيض هند التخصص تترك لحبل ذراع الهواية مجثم حمامة من وفادة، أو محز شفرة من إفادة.
يا أبا محمد!
أناديك بها جذلا، أما " الأغر " فأناديك بها وجلا.
قال أبو محمد:
فإني أشك في أن تكون هذه المسألة مما استدركه شيخ الإسلام على سيبويه
وكان أن قال جهالين:
فالتخطئة إن صدرت عن ابن تيمية
قال أبو محمد
فلا أظن أن الشيخ ممن يمكن أن يخطئ سيبويه وهو المعترف بأن أهل كل صنعة أعلم بفنهم من غيرهم ...
وليس الشيخ من النحويين المتخصصين حتى يستدرك على إمام النحاة
لنقرأ ما جاء في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي عن ابن تيمية
وقرأ في العربية أياماً على سليمان بن عبد القوي، ثم أخذ كتاب سيبويه، فتأمله ففهمه .....
قال الذهبي في معجم شيوخه: أحمد بن عبد الحليم - وساق نسبه - الحراني، ثم الدمشقي، الحنبلي أبو العباس، تقي الدين، شيخنا وشيخ الإِسلام ......
برع في تفسير القرآن، وغاص في دقيق معانيه بطبع سيال، وخاطر إلى مواقع الإِشكال ميال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها. .. وأتقن العربية أصولاً وفروعاً، وتعليلاً واختلافاً ......
وقد قرأت بخط الشيخ العلامة شيخنا كمال الدين بن الزملكاني، ما كتبه سنة بضع وتسعين تحت اسم " ابن تيمية " كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع: أنه لا يعرف غير ذاك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله.
قال الذهبي: ذكره أبو الفتح اليعمري الحافظ - يعني ابن سيد الناس - في جواب سؤالات أبي العباس بن الدمياطي الحافظ، فقال: ألْفَيتُه ممن أدرك عن العلوم حظاً. وكاد يستوعب السنن والآثار حفظاً، إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته.
وإن أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه، ذو روايته، أو حاضر بالنحل والملل لم يرَ أوسع من نحلته، ولا أرفع من درايته.
برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه.
وجاء في المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي، ليوسف بن تغري بردي الأتابكي عن ابن تيمية:
وكان صحيح الذهن، ذكياً، إماماً متبحراً في علوم الديانة، موصوفاً بالكرم، مقتصداً في المأكل والملبس، وكان عارفاً بالفقه، واختلافات العلماء، والأصلين، والنحو، إماماً في التفسير وما يتعلق به، عارفاً باللغة، إماماً في المعقول والمنقول، حافظاً للحديث، مميزاً بين صحيحه وسقيمه.
قال عنقود الزواهر الذي ازدهى الفصيح بعناقيده فصاحة وبيانا
ما ذكرته سابقا لا يعني القول بعصمة ابن تيمية، أو التنقص من شأن سيبويه، رحمهما الله جميعا، ونحن نجزم بأن سيبويه أعلم في الجملة بلغة العرب من ابن تيمية، ولا يلزم من ذلك إصابة سيبويه في كل ما يقول، وتفوقه على غيره في كل جزئية من جزئيات اللغة،
وكان أن قال جهالين:
إن تعلقنا بشيخ الإسلام ابن تيمية لا يُحد، لكننا لسنا نقول: إن كلامه منزه لا يرد، فمسائل اللغة تحتمل تباين الانتهاج، وتعارض الاحتجاج
قال أبو محمد
وحبذا أن يتفضل الأخ جهالين بعرض مسألة من المسائل الثلاثين التي استدركها ابن تيمية على سيبويه
وكان أن نسب جهالين إلى د. هادي أحمد فرحان الشجيري أنه قد ذكر أن الشيخ استدرك في كتابه:
الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وأثرها في استنباط الأحكام الشرعية
والحديث عن د. الشجيري وكتابه قرأته في منتدى أهل الحديث، إضافة إلى تشكيكه في قصة أبي حيان، مستدلا بأن أبا حيان لم يذكر اسم ابن تيمية في البحر المحيط ولا في النهر، وقد تكون بعض الإشارات الواردة في البحر موجهة لابن تيمية احتمالا لا حكما.
ومن الواضح أن الاستدراكات التي تنسب إلى الشيخ على سيبويه مصدرها قصته مع أبي حيان، خاصة قوله أخطأ في الكتاب ـ وفي رواية أخرى القرآن ـ في ثمانين موضعا.
¥