تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يرى شيخ الإسلام في أهمية اللفظ والمعنى: أن حقيقة الإنسان المعنوية هو المنطق وأن الأصوات الصادرة من الإنسان على ثلاث درجات: الأولى: أن يدل على معنى بالوضع إما بنفسه، أو مع غيره، والثاني أن يدل على المعنى الطبع كالتأوه والأنين، والثالث ألا يدل على معنى لا بالطبع ولا بالوضع كالنحنحه، والمعاني التي في النفس لا تنضبط إلا بالألفاظ، والتي قد جعلت لإبانة ما في القلب، ولأهمية المعنى يقول (إن اللفظ يراد للمعنى).

خصائص اللفظ والمعنى وعلاقتهما:

أولاً: اللفظ طبيعته نطقية سمعية، ومعناه إدراكه فطري: فاللفظ مادي بإعتبار أنه نطقي لا يصدر إلا عند جهاز النطق، وسمعي لا يسمع إلا بجهاز السمع، أما طبيعته فنفسية تتمثل في تصور المعاني فإنها لا تدرك إلا بالفطرة وهي أمر نفسي.

ثانياً / اللفظ تبع للمعنى: ويرى ابن تيمية أن المعنى له الأسبقية للفظ.

ومن خصائص اللفظ والمعنى: أن إشتراك اللفظ يوحي باشتراك المعاني، حيث أن اللفظ مشترك فيه أكثر من معنى مثل (حيوان)، فيرى شيخ الإسلام في ذلك أن المعاني الحقيقية الموجودة في الخارج مختلفة غير مشتركة وإن كانت متشابهة في اللفظ، والاشتراك يكون في المعاني الذهنية، وأن عموم الألفاظ والإشتراك فيها هو الذي سوغ عموم المعاني الذهنية والإشتراك فيها.

3 - ضوابط لفهم اللغة وتجنب الاختلاف.

حاول شيخ الإسلام أن يضبط معاني الألفاظ بضوابط من أجل الوصول إلى الحق فيما اختلف فيه العلماء، ومن هذه الضوابط:

1 - معرفة مدلولات الأسماء واجبة: فكل لفظ له دلالته المستقلة عن بقية الألفاظ، والألفاظ يضبط معناها بثلاثة أمور، لغة القوم عامة، وما تعارف عليه أهل ذلك العصر الذي ورد النص عنهم، وما اصطلح عليه كاتب النص، وعدم معرفة مدلولات الأسماء بدقة من أسباب اختلاف العلماء، وكتب الخلاف مليئة.

2 - معرفة الزمن ضرورية لفهم المعنى: المقصود فهم لغة كل عصر في كل مصر حيث يقول رحمه الله (ومن لم يعرف لغة الصحابة التي كانوا يتخاطبون بها، ويخاطبهم بها النبي صلى الله عليه وسلم وعادتهم في الكلام.

3 - الإصطلاح الفاسد وأثره في سوء الفهم.

فمخاطبة القوم باصطلاحهم ولغتهم ليس بمكروه. إذا احتيج لذلك، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا لم يخالف اللغة والشرع ولم يتضمن مفسدة، مثل الذي ينشأ على اصطلاح حادث فيفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها مثل تأويلات الباطنية لكتاب الله على مصطلحاتهم.

4 - الابتعاد عن الألفاظ المجملة: حيث أن اللفظ لابد أن يحمل معناً دقيقاً، وقد نبه شيخ في ذلك وذكر أن كثيراً من اضطراب الناس في هذا الباب هو بسبب ما وقع من الإجمال والإشتراك في الألفاظ ومعانيها، وأكثر إختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء وذكر شيخ الإسلام مثالاً لذلك هو اختلافهم في قولهم (لفظي بالقرآن مخلوق)، ومشهور ما حصل في ذلك من الإختلاف.

5 - فهم معنى الكلام قدر زائد على مجرد معرفة ألفاظه (أو نظرية السياق): مثل قوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) فالمعنى المتبادر هو الحبال البيض والسود وهذا ما فهمه بعض الصحابة، فدلالة اللفظ منفردة قد تختلف عنها إذا دخلت في سياق ما.

كما تختلف إذا دخلت في سياق آخر وهكذا، ويرى ابن تيمية أن دلالات الألفاظ على معانيها محكومة بأمور منها ما يكون في العبارة نفسها، وهذا هو السياق اللغوي، ومنها ما يكون خارج العبارة كحال المتكلم والمخاطب هذا هو سياق الوقف، وقد استخلص المؤلف عدة نقاط استخلصها من مؤلفات شيخ الإسلام لتعزز نظرية السياق عنده وهي:

1 - أن النظر في السياق يعصم من الخطأ مثل من تدبر القرآن وتدبر ما قبل الآية وما بعدها.

2 - معرفة عادة المتكلم في الكلام تعين على فهم مراده: حيث يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض ويؤخذ كلامه هاهنا، وتعرف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر.

3 - حال المخاطب تقيد دلالة اللفظ.

4 - القاعدة الجامعة في الدلالة كما قال ابن تيمية (إن الدلالة في كل موضع بحسب سياقه وما يصف به من القرائن اللفظية والحالية.

الفصل الثاني / الصوت والبنية وأثرهما في المعنى عند ابن تيمية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير