وقد ذكر المؤلف أن هناك دلالات أخرى عند ابن تيميه قد يحصل الانسان له علم ومعرفة بها غير الكلام وهي: ودلالة لسان الحال، وأن يكون الدال عالماً بالمدلول عليه، لكنه لم يقصد إفهام مخاطب، ولكن حاله دل المستدل على علمه كالبكاء والضحك، وكذلك الدلالة التي يقصدها الدال بغير خطاب مسموع كاشارات الأخرس.
2 - التأويل:
وهذا من المواضيع المهمة التي اهتم بها ابن تيميه لأنها تربط بين علم العقيدة واللغة، وقد بين المؤلف موقف ابن تيميه من التأويل في النقاط التالية:
1 - معاني التأويل: يذكر ابن تيميه رحمه الله للتأويل ثلاثة معان أحدهما: بمعنى تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق الظاهر أم خالفه، والثاني هو نفس المراد بالكلام وحقيقته وما يؤول أمرة إليه، والثالث حرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو الذي يتكلم عليه في أصول الفقه، وهو الذي يتنازع عليه في باب الأسماء والصفات، وهذا التأويل الحادث يجر في كتب اللغة المتقدمة، أما معنى التأويل في آية آل عمران، فإنه لا يخرج عن المعنيين الأوليين، والمعنى الثالث لم يكن يعرفه المتقدمون.
ثم ذكر المؤلف في البند الثاني موقف الفرق من التأويل،
2 - التأويل المقبول والمردود: لم يحرم ابن تيميه التأويل مطلقاً، بل هناك تأويل مقبول وهو ما دل على مراد المتكلم، وتأويل مردود ما كان بعيد عن التفسير قريباً إلى التحريف، حيث كان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج مراد الله ورسوله التي هي نوع من تحريف الكلم عن مواضعه، وقد بين المؤلف أنواع التأويلات الباطلة عند ابن تيميه رحمه الله وهي:
أ/ كل تأويل لم يحتمله اللفظ في أصل وضعه، ولم تجربه العرب في خطابها كتأويلات الجهمية والقرامطة.
ب/ كل تأويل لم يحتمله اللفظ بحسب التركيب الخاص من تثنية وجمع، كتأويل قوله تعالى (لما خلقت بيدي) بان اليدين هما القدرة أو النعمة.
جـ/ كل تأويل لا يحتمله السياق المعين، وإن جاز في غيره كتأويل قوله تعالى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) بأن إتيان الرب هو إتيان بعض آياته.
د/ كل تأويل لم يؤلف فيه استعمال اللفظ في ذلك المعنى في لغة التخاطب، وإن كان هذا المعنى مألوفاً كاصطلاح خاص، كتأويلات الفلاسفة، واصطلاحاتهم.
هـ/التأويل الذي لا دليل عليه من سياق أو قرينة.
4 - خطورة التأويل: حيث أن التأويل كان الباب المفتوح لكل بدعة ظهرت في الإسلام على يد الباطنية أو المتكلمين، ومن سار على نهجهم من الطوائف الأخرى.
5 - التأويل في باب الصفات: عرض المؤلف تاريخ مذهب المؤولة و (المعطلة للصفات) وأورد شبههم والرد عليهم.
الفصل الخامس: المنهج النحوي عند ابن تيميه.
يبين المؤلف في جهود ابن تيميه النحوية، ويبدأها بالسمات العامة حيث استنبطها المؤلف من مؤلفات ابن تيميه:-
1 - من شواهد العربية:
أ/ النحو كان ابن تيميه رحمه الله شديد التمسك بما روى عن العرب لأنهم أهل اللغة وهم أعرف بلغتهم، فالتمسك بما روى عنهم يتمثل المعين الأمثل لفهم الكتاب والسنة.
ب/ القرآن الكريم وقراءاته: يتميز ابن تيميه لكثرة استدلالاته بآياته القرآن الكريم، فلا يكاد القارئ يجد مبحثاً لغوياً له إلا وآي الكتاب جزء كبير منه، وقد أورد المؤلف عدة أمثلة تبين ذلك، أما موقف ابن تيميه من القراءات القرآنية فهو موقف القبول بها، فلم يردها أو يصفها بالخطأ والقبح بمجرد أنها تخالف قاعدة نحوية، وكان يقول: أن هذه القراءات التي يتغاير معناها كلها حق، يجب الإيمان بها كلها.
جـ/ الحديث النبوي: ظهرت دعوى عدم الاحتجاج بالحديث النبوي، عندما أكثر ابن مالك من الإستشهاد به، وابن تيميه كان كغيره من السابقين ممن احتج بالحديث النبوي على قلة منه. وأورد المؤلف عدة أمثلة لذلك.
¥