فإن المخففة في قوله: وإن مالك، لا يعقل أن تكون نافية، إذ إن غرض الشاعر أن يتمدح بقومه ويذكر مآترهم، فالمعنى قرينة دالة على أن " إن " مخففة من الثقيلة، وليست " إن " النافية، ذلك لا يلزم اقتران خبرها باللام الفارقة، ولو قرنه بها لكان التقدير: وإن مالك لكانت.
2 ــ أنَّ: إذا خففت نون " أن " المفتوحة الهمزة، وجب إبقاء عملها كما
لو كانت ثقيلة، ولكن يشترط في اسمها أن يكون ضمير الشأن المحذوف،
أما خبرها فيجب أن يكون جملة بنوعيها.
إلا إذا كانت الجملة اسمية مسبوقة بجزء أساسي، وجب أن يكون المصدر المؤول من أن ومعموليها مكملا للجزء السابق.
نحو قوله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} 1.
فـ " أن " مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن المحذوف تقديره: أنه، والجملة الاسمية بعدها مكونة من مبتدأ وخبر في محل رفع خبر " أنْ "،
ولا فاصل بين الجملة، وان، كما أن " أن ْ " مع اسمها المحذوف وخبرها الجملة مكملة لما قبلها في المعنى.
أما إذا كانت الجملة التالية لـ " إنْ " جملة فعلية وجب أن يكون فعلها دالا
على اليقين والقطع الجازم. كقوله تعالى:
{علم أن سيكون منكم مرضى} 2.
وكذلك إذا خففت، وتلاها فعل متصرف لا يفيد الدعاء وجب اقتران الفعل بفاصل ليفصل بين " أن "، وخبرها. ويكون الفاصل واحدا مما يأتي: ــ
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 10 يونس. 2 ــ 20 المزمل.
1 ــ السين، أو سوف. نحو قوله تعالى:
{علم أن سيكون منكم مرضى} 1.
ونحو: حسب أن سوف تحضر مبكرا.
2 ــ قد. نحو قوله تعالى: {ونعلم أن قد صدقتنا} 2.
وقوله تعالى: {ليعلم أن قد أبلغوا} 3.
3 ــ لا أو لن أو لم. نحو قوله تعالى:
{أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا} 4.
وقوله تعالى: {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه} 5.
وقوله تعالى: {أيحسب أن لم يره أحد} 6.
4 ــ لو: نحو قوله تعالى: {وأن لو استقاموا على الطريقة} 7.
5 ــ ربَّ. كقول الشاعر*:
تيقنت أنْ رُبَّ امرئ خيل خائنا ـــــــ أمين، وخوان يخال أمينا
وقد أتي بالفاصل في الشواهد السابقة للتأكيد على أنَّ " أنْ " المفتوحة
الهمزة الساكنة النون هي المخففة من الثقيلة، وليست " أنْ " المصدرية الناصبة للفعل المضارع.
فإن كان الخبر جملة اسمية تفيد الدعاء، أو فعلية فعلها جامد فلا يحتاج
إلى فاصل بينه وبين " أن ".
نحو قوله تعالى {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} 8.
نحو قوله تعالى: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} 9.
في قراءة الرفع وتخفيف " أنَّ ".
ومنه قول الشاعر:
في فتية كسيوف الهند قد علموا ــــــــ أن هالك كل من يحفى وينتعل
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 20 المزمل. 2 ــ 113 المائدة. 3 ــ 28 الجن.
4 ــ 89 طه. 5 ــ 3 القيامة. 6 ــ 7 البلد.
7 ــ 16 الجن. * الشاهد بلا نسبة.
8 ــ 10 يونس. 9 ــ 44 الأعراف.
*
ومثال الخبر الواقع فعلا جامدا قوله تعالى:
{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} 1.
وقوله تعالى: {وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} 2.
3 ــ كأنَّ. حكمها في التخفيف كحكم " أنَّ " يجب إعمالها، ووجب أن
يكون اسمها ضمير الشأن المحذوف. غير أن كثيرا من النحاة لم يشترط أن يكون اسمها ضميرا، وأنه يذكر في الكلام أكثر من ذكر اسم " أن "، واستدلوا على ذلك بقول الشاعر*:
ويوما توافينا بوجه مقسَّم ــــــــ كأن ظبية تعطوا إلى وارق السلم
فـ " كأنْ " مخففة من الثقيلة، وظبية في رواية النصب اسمها، وخبرها محذوف.
وأما على رواية الرفع تكون ظبية خبر كأن، واسمها ضمير الشأن
المحذوف، والتقدير: كأنه ظبية. وهذا هو الوجه الأحسن فيما دل عليه
الكلام من أن حكمها في العمل كحكم أنْ، و " أنْ " تعمل مخففة واسمها ضمير الشأن المحذوف دائما.
ونه قول الشاعر*:
وصدر مشرق النحر ــــــــ كأن تدييه حقان
ويروى " تدييه " بروايتى النصب والرفع كما في البيت السابق.
وعندما تخفف " كأنَّ " يصح دخولها على الجمل بنوعيها اسمية كانت،
أم فعلية.
فمثال الأول: كأن أسد أقبل نحونا. ومنه الشواهد السابقة، وهي لا تحتاج
إلى فاصل بينها وبين الجملة الواقعة خبرا.
¥