تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بين الجنة والنار، فيهذبون وينزع ما في قلوبهم من غل، وتطهر القلوب حتى يدخلوا هذه الدار على أكمل حال، كما قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47] أسأل الله تعالى برحمته وفضله أن يجعلنا وإياكم منهم .. آمين آمين آمين. هؤلاء لا يدخلون الجنة إلا على أكمل وجه، جميع الغل الذي كان في قلوبهم في الدنيا فإنه ينزع، مع أنه قد اقتص لبعضهم من بعض في عرصات القيامة، لكن هذا لإزالة ما في القلوب، أو ما علق بالقلوب من الغل والحقد. ثم يشفع النبي صلى الله عليه وسلم حتى تفتح أبواب الجنة. وما دمنا ذكرنا الشفاعة فإن للرسول عليه الصلاة والسلام ثلاث شفاعاتٍ خاصات به لا أحد يشفع فيها. شفاعته في أهل الموقف أن يقضى بينهم؛ لأن أهل الموقف تدنو منهم الشمس حتى تكون قدر ميل من رءوسهم، وحتى إنهم يعرقون من شدة الحر حتى يصل العرق إلى الكعبين وإلى الركبتين وإلى الحقوين وإلى الفم وبعضهم يلجمه العرق، ويلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون؛ لأنهم يقفون خمسين ألف سنة، لا طعام ولا شراب ولا شيء، يقفون هذا الموقف العظيم فيلحقهم من الكرب ما لا يطيقون، فيقول بعضهم لبعض: انظروا من يشفع لنا إلى الله يريحنا من هذا الموقف، فيلهمون أن يذهبوا إلى آدم، آدم أبو البشر خلقه الله بيده، وعلمه أسماء كل شيء، وأسجد له الملائكة، فيصفونه بهذه الأوصاف، ويقولون له: ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا تشفع لنا عند الله؟ فيقول: لست بذاك، ثم يعتذر بأكله من الشجرة؛ لأن الله تعالى قال: وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة:35] فوسوس لهما الشيطان فأكلا منها، قال الله تعالى: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [طه:121 - 122] فصارت حال آدم بعد التوبة عليه أكمل من حاله قبل أن يأكل من الشجرة؛ لأنه تاب، فآدم يعتذر بأكل الشجرة، وتعرفون أن الشافع إنما يشفع عند المشفوع عنده إذا لم يكن بينهما ما يوجب الجفوة، ثم يأتون إلى نوح، ويقولون له: أنت أول رسولٍ أرسله الله إلى أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، فيذكر أيضاً عذراً، والعذر قال: إني سألت الله تعالى ما ليس لي ويعتذر، فيأتون إلى إبراهيم خليل الرحمن عز وجل، فيعتذر بأنه كذب ثلاث كذبات، وهن لسن كذبات في الواقع، لكن إنما لشدة حيائه من الله عز وجل استحيا أن يكون شفيعاً وقد كذب هذه الكذبات مع أنها تورية وليست بكذب، ثم يأتون إلى موسى، فيعتذر بأنه قتل نفساً لم يؤمر بقتلها، ما هذه النفس؟ قتل قبطياً استغاثه عليه إسرائيلي فقتله موسى، وموسى عليه الصلاة والسلام معروفٌ بالشدة، وكزه بيده فقضى عليه، إلى من يأتون؟ إلى عيسى؛ وعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لا يذكر شيئاً لكن يعترف بالفضل لأهله، يقول: اذهبوا إلى محمد، عبدٌ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فانظروا كيف ألهم الله الخلق أن يأتوا هؤلاء الأنبياء الكرام! فمنهم من يعتذر، ومنهم من يعترف بالحق لأهله، الذي اعتذر أربعة: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، والذي اعترف عيسى، قال: ائتوا محمداً، عبدٌ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتون إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فيستأذن من الله أن يشفع للناس، فيأذن له. وانظروا! محمدٌ لا يشفع إلا بإذن الله، يستأذن من الله عز وجل، رب العزة والعظمة أعظم من أن يشفع أي إنسانٍ أو مخلوقٍ عنده إلا بإذنه، فيستأذن فيرحم الله الخلق ويأذن له فيشفع فيهم، وبهذا يظهر إكرام الشافع ورحمة المشفوع عنده، أليس كذلك؟ مع أن الله قادر على أن يرفع هذا عنهم بدون شفاعة، لكن من أجل أن يظهر فضل الشافع، ورحمة الله تعالى بالعباد، وعظمته وسلطانه أنه لا يشفع أحدٌ عنده إلا بإذنه. فيقضي الله بين العباد، هذه الشفاعة العظمى خاصة بالرسول اعتذر عنها أبو البشر، وأولو العزم من الرسل حتى وصلت إلى محمد عليه الصلاة والسلام. الشفاعة الثانية: الشفاعة لأهل الجنة بدخول الجنة. الشفاعة الثالثة: شفاعته لعمه أبي طالب ووجه خصوصيته بذلك: أن أبا طالب مات على الكفر، ولا غرابة أن يموت عم الرسول عليه الصلاة والسلام على الكفر كما أن آزر أبا إبراهيم مات على الكفر 0

ـ[خالد مغربي]ــــــــ[20 - 08 - 2006, 10:03 م]ـ

(8 - 9)

تفسير قوله تعالى: (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ... )

قال تعالى: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ [الزمر:74] قالوا حامدين لله عز وجل: (الذي صدقنا وعده) وعدنا الجنة فحصلت، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ [الزمر:74] (الأرض) قيل: إنها أرض الدنيا؛ لأن الله تعالى نصرهم وأورثهم أرض المشركين وديارهم وأموالهم، وقيل: المراد أرض الجنة، والأول أصح، أورثهم الله أرض الدنيا فكانت لهم، وجعلهم يتبوءون من الجنة حيث يشاءون كل واحد يذهب إلى الثاني بزيارة، وأنس، وسرور، وحبور. فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [الزمر:74] هذا ثناء على هذا الأجر الذي حصل لهم، وهل هو من الله، أو هم يقولون ذلك إقراراً به؟ يحتمل هذا وهذا، والآية صالحة للجميع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير