تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[- مباحث لغويه (البدل) 2]

ـ[عمرمبروك]ــــــــ[21 - 08 - 2006, 11:56 م]ـ

البدل في (الكتاب) لسيبويه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

هذا بابٌ من الفعل يُستعمل في الاسم، ثم يُبدل مكان ذلك الاسم اسمٌ آخر؛ فيعمل فيه كما عمل في الأول، هذا -أيها الدارسون الكرام- عنوان سيبويه، ولنا في سيبويه كتاب (سيبويه والعلل النحوية) أشرنا فيه إلى أن من صعوبة الكتاب العناوين، يعني قد يسأل سائلٌ، ويقول: ما مراد سيبويه بهذا العنوان: هذا باب من الفعل يُستعمل في الاسم، ثم يُبدل مكان ذلك الاسم اسمٌ آخر؛ فيعمل فيه كما عمل في الأول؟

وقد يُثير هذا العنوان الضحك عند الذين لم يطلعوا على كتاب الإمام؛ لأن فورًًا سوف نقول: إن مراد سيبويه بهذا العنوان كلمة واحدة: هذا باب البدل، يعني الذي درسته في شرح الألفية للأشموني، أو شرحها للمرادي، أو في أي كتابٍ من كتب النحو درست باب التوابع، وهو بابٌ كبيرٌ ومنه البدل، البدل إن أردت أن تعرف بعض أحكامه، وتتعرف عليه، وتتعرف إليه أيضًا وجدته في كتاب سيبويه تحت هذا العنوان، يعني: هذا باب من الفعل يُستعمل في الاسم، ثم يُبدل مكان ذلك الاسم اسمٌ آخر: رأيتُ زيدًًا أباه، كأنك تقصد أنك رأيت الأب، ثم يُبدل مكان هذا الاسم اسمٌ آخر: رأيتُ قومك أكثرهم، كما مثّل سيبويه على نحو ما نرى الآن -إن شاء الله تعالى- فيعمل فيه كما عمل في الأول، وهي القاعدة المعروفة عن البصريين: العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، إذن المبدل منه زيد، والبدل أباه، والعامل في زيد، رأيتُ زيدًًا -الذي هو مفعول به- هو العامل في أباه الذي هو بدلٌ من زيد. هذا كلام سيبويه.

كأنه أشار في عنوانه إلى العامل في البدل، وذكر أنه هو هو العامل في المبدل منه، وذكر أن المراد من أسلوب البدل هو البدل، كأنك قلت: رأيتُ قومك أكثرهم، وقف سيبويه هنا ماذا قال؟ قال: إن معناه رأيتُ أكثر قومي، وكأنك قلت: رأيتُ قومك، هكذا يقول سيبويه، ثم وقفت، فلما وقفت سألت نفسك وقلت: بالله علي هل رأيت أنا قومه كلهم؟ ثم قلت: لا لم أرهم جميعًا، فتداركت أمرك وذكرت كلمة أكثرهم؛ فصار التعبير الذي مَثّلَ به سيبويه: رأيت قومك أكثرهم، أعرب يا بطل، يا دارس العربية، يا قارئ الكتاب: رأيتُ: فعلٌ وفاعلٌ على الاختصار في الإعراب، وقومَ: مفعولٌ به منصوبٌ، والكاف: مضافٌ إليه -أنت تحفظ هذا- أكثر: بدلٌ، وهو بابٌ من الفعل يستعمل في الاسم، ثم يُبدل مكان ذلك الاسم اسمٌ آخر؛ فيعمل فيه كما عمل في الأول.

عنوان سيبويه الكبير: باب البدل، قال أول ما قال: وذلك قولك: رأيتُ قومك أكثرهم، ورأيتُ بني زيدٍ ثلثيهم، معنى ذلك أن الثلث لم تره، ورأيتُ بني عمك ناسًًا منهم، ورأيتُ عبد الله شخصه، هذه أمثلة سيبويه على البدل.

أنتم تعلمون أن المؤلفين من النحاة تعرضوا لهذا الموضوع، وهو موضوع -كما قلت- كبيرٌ يندرج تحت التوابع، وقد قسم النحاة -كما تعلمون في عجالة ألخص لكم الموضوع- قسموا البدل إلى بدلٍ مطابقٍ، أو كما سماه بعضهم بدل كلٍّ من كلّ، وهو ابن مالك، وعاب عليه بعضهم هذه التسمية، وقالوا: لا يقال كلٌّ إلا فيما يتجزأ، وقد وقع البدل في القرآن الكريم في أول سورة "إبراهيم": {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ} (إبراهيم: من الآية: 1، 2) فلفظ الجلالة {اللَّهِ} بدلٌ، فإذا قلت يا بن مالكٍ: إنه بدل كلٍّ من كلّ، والكلية لا تطلق إلا فيما يتجزأ، وذلك محالٌ على الله تعالى، فلا يصح هذا الإطلاق، وإنما تقول: إنه بدلٌ مطابقٌ.

وقد رد ذلك كثير من العلماء -يعني على ابن مالكٍ- وقال الشهاب الخفاجي بالحرف الواحد: وهذا ورعٌ باردٌ، يعني هذا لا يصح منه، يعني أن يقول: إن هذا البدل لا يتجزأ، أو خلاف ذلك، وإنما المسألة في أن البدل المطابق، أو بدل كلٍّ من كلّ يصح هذا التعبير عند ابن مالكٍ الذي اعترض على الكلية؛ لأنها لا تقع إلا فيما يتجزأ أو على غيره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير