وَكَذَلِكَ رَواهُ عَمرو بنُ شُعَيبٍ، وبَكرُ بنُ وائِلٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن عُبَيدِ الله، عَن أَبِي هُرَيرةَ، وحدَهُ، وهُوَ مَحفُوظٌ عَن أَبِي هُرَيرةَ، وزَيدِ بنِ خالِدٍ، وأَمّا ما قالَهُ ابنُ عُيَينَةَ فَلَم يُتابَع عَلَى قَولِهِ عَن شِبلٍ.–فتبيَّن أنَّه خَطَأ مِنِ ابْنِ عُيَِينه, حتَّى إِنَّه وهَّمه فِي السُّنَنِ- وَرَواهُ الماجُشُونُ، وصالِحُ بنُ كَيسانَ،، وابن أَخِي الزُّهْرِيِّ، وجَماعَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن عُبَيدِ الله، عَن زَيدِ بنِ خالِدٍ وحدَهُ مُختَصَرًا.
وَرَواهُ لَيثُ بنُ سَعدٍ، عَن عُقَيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابنِ المُسَيَّب، عَن أَبِي هُرَيرةَ، ولَم يُتابَع عَلَيهِ، ولَعَلَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ حَفِظَهُ عُقَيلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، والله أَعلَم انتهىُ.
تأمل في هذه الكلمة " ولَم يُتابَع عَلَيهِ، ولَعَلَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ حَفِظَهُ عُقَيلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ "فحكم أنه إسناد آخرَ تماماً, لا علاقة بالحديث مع أنَّ الموضوع واحدٌ وهو "حدّ الزنى" فاعتبرَ الدار قطني أنّه حديثٌ آخرَ, ومع العلم أنَّ البُخَاري روى من طريقِ عُبَيْدِ الله عن أبي هريرة وزيد من خالد فذكر الحديث ... وروى حديثاً أخر من طريق ليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن ابن المسيَّب عن أبي هريرة أنَّ رسول الله: قَضَى فيمن زَنَى ولم يحصن بنفيِ عامٍ وإقامةِ الحدِّ عَلَيهِ. فانظر كيف أن الموضوع واحد ولكن اختلفَ اللَّفظُ اخْتِلافاً بيّناً, فذكرَه أبو هريرة مختصرا, فاعتبره الدار قطني حديثين فالذي قاله ابن رجب –رحمه الله- غلطٌ بيِّنٌ.
* وهل من الممكن أن يعتبروا حديثاً بألفاظ مختلفة فإنهم يعدونه حديثا واحداً, نعَم يمكن هذا, وهَاكَ مِثالاً بَسيطا:
جاء عند البخاري في حديث له مواضيع كثيرة .. ففي بعض الروايات خلق آدم ورواية قصة وفاته ورواية كيف صفته ورواية كيف صلّت عليه الملائكة فحكم البخاري كلها أنه حديث واحد لأنه من رواية الحسن البصري عن بن ضمرة عن أبي بن كعب.
* كذلك من الأدلّة على تفريق الحديثين إن كانا مختلفين –وراجع "التاريخ الكبير" ففيه أمثلة كثيرة-:
قال ابن أبي حاتم الرازي: وَسَأَلتُ أَبِي عَن حَدِيثٍ: رَواهُ عمران القطان، عَن قتادة، عَن سعيد بن أَبِي الحسن، عَن أَبِي هريرة عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي قصة الغار.
ورواه أَبُو عوانة، عَن قتادة، عَن أَنَس، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مرفوعًا. قُلتُ لأبي: ما الصحيحُ؟ قالَ: الحديثان عندي صحيحان، لأنَّ ألفاظهما مختلفة. –فحكم أبو حاتم بأن القصة واحدة ولكنّ الحديثين مختلفين فسمعه الراوي من كليهما, وذكر الطيالسي الحديثين مختلفان, وذلك أن قتادة بن دعامة واسع الرواية لأنه كان يروي الحديث بأوجه كثيرة, وكان يضرب به المثل في زمانه, لا واسع الحفظ كشعبة حتى يتعرض له الوهم-.
(مَشَارِيعٌ تَجْعلُ للطَّالِبِ مَلَكةً أَثْناءِ قِراءِةِ كُتُبِ العِلَلِ)
1 - محاولةُ دِرَاسَة الأحَادِيثِ الَّتِي وَقَع فِيهَا الخِلافُ بَيْنَ العُلمَاءِ فِي التَّعلِيلِ, ككِتَاب "العِلَل لابْنِ أبِي حَاتِم" فَتَجِدُ أحادِيثَ يَختلفُ أبو حاتمٍ عَن أبِي زرعة في التعليل. فدراستها تبيِّن وجْه الاخْتِلاف الدَّقيقِِ بين الأئِمَةِ عمُوماً. وهَذَا يماثلُ مَا يُسمَّى فِي العَصْرِ الحدِيثِ بـ "الفِقْهُ المُقَارَنْ" فتعرِضْ أقَاويلَ كلِّ فَريقٍ مَعَ أدلَّتِهِم, فتُحَاوِلُ أنتَ التَّرجِيحَ بَينَهَا, فَمنْ يُدْخِلُ نفسَهَ فِي مَسَائِل الخِلافِ أوْ مَعَ المُجْتهِدِينَ يَرتَقِي ارتِقاءً كَبِيراً.
2 - مُحاوَلةُ استنْبَاط قَرائِنِ التَّرجيح بيْنَ كَلام العُلمَاء. مثالهُ: قال النسائي "حديث فلان أقوى لأنه أحفظ" فجعلَ زيادةَ الحفظ قَرينَة علَى التَّرجيح. ِ أو يقول "فلان أقوى لأنه رواه سفيان وحماد" فجعل العدد قرينة في الترجيح. أو "فلان أخطأ لأنه سلك الجادة " وهي الأسانيد المشهورة مثل نافع عن ابن عمر وما شابهه, وهو الَّذي يسمَّى حَقِيقةً " فقه العلل".
¥