تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحقيق قول الحافظ ابن حجر فيمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه.]

ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[25 - 03 - 10, 06:02 م]ـ

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

أمَّا بعد:

لقد اتفقتْ كلمة علماء الحديث على قبول مرسل الصحابي [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1) ، وجعله حجة شرعية إذا صحَّ الحديث إلى ذاك الصحابي، ولا عبرة بمن خالف ذلك لأنَّه رأي شاذ، كما قال الحافظ في النكت: (ص197).

بيد أنَّ هناك مسألة دقيقة وهي البحث في حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه إمَّا لصغر سن، أو لعارض آخر، فهل يدخل هذا في حد الصحابة، وهل حديثه الذي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم له حكم المتصل .. أم له حكم المرسل .. ؟؟.

لا يهمنا البحث هنا الآن عن آراء العلماء في هذه المسألة، بل الذي يعنيني في هذا المقام، هو موقف الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من هذه المسألة.

فالناظر في كتابه الإصابة، يجد أنَّه يدخل – فمن كان هذا حاله - في حد الصحبة، وبالتالي فإنَّ حديثه له حكم المتصل المقبول، وفي ذلك يقول رحمه الله تعالى في ترجمة طاق بن شهاب، ما نصه: (3/ 510).

" إذا ثبت أنه لقي النبيصلى الله عليه وسلمفهو صحابيعلى الراجح وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح ".

و النتيجة التي توصل إليها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، نتيجة صحيحة، إذ أننا طالما قد أدخلنا من كان هذا حاله في حد الصحبة، فإنَّه يتحتم علينا قبول ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، واعتباره مرسل صحابي.

لكن ما يشكل علينا أنَّ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى نفسه، قد ذهب إلى خلاف ما ذهب إليه في الإصابة، ولا أدري هل ما قاله في النكت، بمثابة تراجع عمَّا قاله في الإصابة .. ؟؟. [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)

حيث قال رحمه الله تعالى في النكت، ما نصه: (ص197).

" لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حدِّ الصحبة، أن يكون ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعد مرسلاً .. ؟؟.

هذا محلُّ نظر وتأمل، والحق الذي جزم به أبو حاتم الرازي و غيره من الأئمة أنَّ مرسله كمرسل غيره، وأنَّ قولهم مراسيل الصحابة رضي الله عنهم مقبولة بالاتفاق إلاَّ بعض من شذَّ، إنَّما يعنون بذلك من أمكنه التحمل والسماع، أنَّا من لا يمكنه ذلك فحكم حديثه حكم غيره من المخضرمين الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم ".

وهكذا نراه قد أثبت له الصحبة في أول كلامه عندما قال:" لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حدِّ الصحبة ".

وهذا يتفق تمام الاتفاق مع كلامه في الإصابة، بيد أنَّ النتيجة التي توصل إليها هنا في هذا الكلام تختلف عمَّا ذهب إليه في الإصابة، إذ أنَّه قد رجحَّ في الإصابة قبول مرسله، وعدِّه من مراسيل الصحابة، كما قد رأينا.

أمَّا هنا فنراه قد رجح ما ذهب إليه أبو حاتم الرازي من عدم قبول مرسله، وجعله بمثابة مرسل المخضرمين:" الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ".

لكن الأمر الملفت للنظر أنَّ مذهب أبو حاتم الرازي وغيره من أئمة النقد – كما سنرى إن شاء الله تعالى - هو اعتبار من رأى النبي صلى الله علي وسلم مجرد رؤية، لا يدخل في حدِّ الصحبة، لذلك ردَّ حديثه باعتباره مرسل تابعي لا مرسل صحابي.

وهكذا نرى أنَّ الحافظ ابن حجر أخذ بالنتيجة التي قال بها أبو حاتم الرازي رحمه الله تعالى، دون الالتفات إلى الأصل الذي بنى عليه هذه النتيجة، وهو اعتباره تابعي لا صحابي.

وإليكم بعضاَ من أقوال أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى في هذه المسألة، حتى نفهم صنيع الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بشكل صحيح:

قال ابنه رحمه الله تعالى في كتابه:" المراسيل ". ما نصه: (ص98 رقم351).سمعتُ أبي يقول: طارق بنشهاب له رؤية، وليست له صحبة، والحديث الذي رواه الثوري عن علقمة بن مرثد عن طارق بن شهاب أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل، قال: كلمة حق عند سلطان جائر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير