تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ضوابط الغضب لمحارم الله]

ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[05 - 04 - 10, 07:50 م]ـ

[ضوابط الغضب لمحارم الله]

محارم الله: هي الأمور التي حرمها الله تعالى، وقد جاءت هذه اللفظة في قول عائشة رضي الله عنها عندما وصفت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولاامرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلاأن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل) رواه مسلم ح4296.

وأطلقت رضي الله عنها لفظة (حرمة الله) رواية أخرى عند الإمام مسلم ح4294: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذأيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل).

وفي صحيح البخاري ح 6288 أطلق عليها (حرمات الله)، فعن عائشة رضي الله عنها قال: (ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختارأيسرهما ما لم يأثم فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه والله ما انتقم لنفسه في شيءيؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله).

قال الإمام النووي رحمه الله: (وانتهاك حرمة الله تعالى هو ارتكاب ما حرمه).

إذا تقرر هذا، فإنه يتقرر أيضاً من الأحاديث السابقة أن الغضب لمحارم الله - تعالى - التي تُنتهك محلُّ مدحٍ وثناءٍ في الشريعة بل هو مطلب شرعي.

وقد تمثل النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع المحمود من الغضب في عدة مواضع ومن ذلك [1] ( http://www.alssunnah.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=17#_ftn1) :

1. عن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب فقال: أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» رواه مسلم ح 4410.

ففي هذا الحديث غضب الرسول صلى الله عليه وسلم عندما انتهكت حرمة الله وهي أن أسامة بن زيد رضي الله عنه شفع في حد من حدود الله، وقد نبه أسامة رضي الله عنه فقال له معاتباً مع أنه حبه: أتشفع في حد من حدود الله، ثم قام ونبه وخطب أصحابه فكان توجيهاً للأمة من بعدهم على عدم جواز الشفاعة في حدود الله.

2. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه هتكه، وتلّون وجهه وقال: «يا عائشة: أشدّ الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله» رواه مسلم ح 5527، القرام: الستر الرقيق.

وفي هذا الحديث غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى تلك التصاوير المحرمة.

3. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة كبعض ما كان يقسم فقال رجل من الأنصار والله إنها لقسمة ما أريدبها وجه اللهقلت أما أنا لأقولن للنبي صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو في أصحابهفساررته فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وتغير وجهه وغضب حتى وددت أنيلم أكن أخبرته ثم قال قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر) رواه البخاري.

وكان غضب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة غضبة لله، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث: وفيه أن أهل الفضل قد يغضبهم ما يقال فيهم مما ليس فيهم.

(من هذا كله تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغضب وفي الوقت نفسه لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله لكن السؤال: ما حدود هذا الغضب؟ وهل هذا الغضب يخرج الإنسان عن القدرة على التوازن في التفكير، أو التعدي بالقول، أو العمل؟ لا شك أن المحلل لغضب النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يتصرف وهو بكامل عقله وتصرفاته؟

فالغضب المراد هنا أن لا يخرج الإنسان عن وضعه الطبيعي حال هدوئه فيتصرف تصرف الإنسان في حال طبيعته قبل غضبه فلا يتعدى بالقول أو الفعل، فهذا الغضب أفاد فوائد عدة منها:

أ - أنه أعطاه دفعة نفسية لتغيير هذا المنكر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير