تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا أريد أن أخوض في جزيئات الاصطلاح، لأن ذلك يطول ويحتاج إلى تسويد صفحات أمثال هذا الكتاب.

والذي يهمنا هنا أن منهج النقد عند المتأخرين نحا منحىً آخر عنه عند المتقدمين، وأصل هذا: أن المتقدمين حين جمعوا الحديث وغربلوه عرفوا صحيحه من سقيمه استنادا إلى قواعد نعرف بعضها، ونجهل الكثير منها، لكن من أبرزها موافقته لما عرفوه من القواعد الكلية للشريعة الإسلامية، في حين اعتمد المتأخرون على كتب المصطلح القائمة أصلا على معرفة الرواة فكان جل حكمهم ينصب على الأسانيد لا على المتون فتكون الأسانيد حاكمة على المتون، وقد مر قول ابن أبي حاتم في ترجمة أحمد بن إبراهيم الحلبي: " سألت أبي عنه، وعرضت عليه حديثه فقال: لا أعرفه، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها ليس لها أصول، يدل حديثه على أنه كذاب" ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn10)).

وقد كان الحديث عند المتقدمين يعتمد على قواعد ثلاث: رواية -أعني من حيث السند أو المتن -، والدراية، والفقه.

يقول علي بن المديني:" التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم" ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn11)).

فليس العالم الذي يتعلم نصفاً، ويدع النصف الثاني، فتنزلق قدمه، وقد تُدقُ عنُقهُ! قال عبد الله بن وهب: "لولا الله أنقذني بمالك والليث لضللت. فقيل له: كيف ذلك؟ قال: أكثرت من الحديث فحيّرني، فكنت أعرض ذلك على مالك والليث فيقولان لي: خذ هذا ودع هذا " ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn12)).

وقال قتادة بن دعامة السدوسي: " من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه " ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn13)).

وقال سفيان الثوري:" لو كان أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد فقيهاً لا يتعلم الحديث، ومحدثاً لا يتعلم الفقه " ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn14)).

وقال أيضاً: " تفسير الحديث خير من الحديث " ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn15)) ، أي خير من سماعه، وحفظه كما ورد عن أبي أسامة: " تفسير الحديث خير من سماعه " ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn16)). وهذا يعني فهم فقه الحديث ومعناه.

ويقول الإمام أحمد: " إن العالم إذا لم يعرف الصحيح والسقيم والناسخ والمنسوخ من الحديث لا يسمى عالماً " ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn17)).

وروى الخطيب البغدادي بسنده إلى مغيرة الضبي، قال: " أبطأت على إبراهيم فقال يا مغيرة ما أبطأ بك؟ قال قلت: قدم علينا شيخ فكتبنا عنه أحاديث، فقال إبراهيم: لقد رأيتنا وما نأخذ الأحاديث إلا ممن يعلم حلالها من حرامها وحرامها من حلالها، وإنك لتجد الشيخ يحدث بالحديث فيحرف حلاله عن حرامه وحرامه عن حلاله وهو لا يشعر" ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn18)).

فالجهابذة من المتقدمين من لم يفصلوا متن الحديث عن سنده، ولا هذين عن فقهه ومعناه، فإذا جاءهم الحديث فأول ما ينظرون إلى معناه هل هو موافق للشرع أم لا؟ ثم هل هو موافق للمحفوظ أم لا؟ فلعل راويه قد أخطأ فيه، أو وهم في متنه، أو لعله خالف ما عند الناس.

فالناقد حينما ينظر إلى الحديث لتقييمه يعتبر بالسند والمتن لمعرفة هل حدّث هذا الراوي بهذا الحديث؟ وتتم المعرفة بجمع الطرق وضم بعضها إلى بعض مع الدقة في الفهم والمعرفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير