تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويذكر الدكتور حمزة المليباري: " أن الجوانب الفقهية ومعرفة الصحيح والسقيم لم تكن محل عناية كافة المحدثين في المرحلة الأولى، بل إن الكثيرين منهم لا تهمّهم إلاّ عملية الرواية، وضبطها وحفظها، غير أن هؤلاء كفوا عن الخوض في نقد الأحاديث، وأمّا النقاد فيختلفون عنهم في التكوين العلمي بصورة واضحة وحفاظ الحديث الذين تمكنوا من علوم الحديث بشقيها – فقه الحديث، ومعرفة الصحيح والسقيم – هم وحدهم الذين سبروا أغوار النقد، وهم بعينهم اعتبارنا في البحث، وإنَّ تصحيح الأحاديث وتعليلها لا يتأتى لأحد دون التكوين العلمي المزدوج " ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn19)).

قلت: رغم صحة هذا الكلام لكن قوله: " إن الكثيرين منهم لا تهمّهم إلاّ عملية الرواية، وضبطها وحفظها ... "،ربما يفهم منه أنه يريد بذلك " كثيراً " من كبار علماء الحديث، وما

أخاله قصد ذلك، فإن جل كبار المحدثين الجهابذة المعروفين كانوا على دراية تامة بذلك، ومما لا شك فيه أن المقياس في هذا هو كتابة العلل، فالإمام مالك لم يدون لنا كتاباً مستقلاً في العلل ولكنه إمام العلل في زمانه، ولم يصل إلينا أن سفيان بن عيينة أو الثوري أو شعبة أو ابن مهدي مثلاً لهم مصنفات مستقلة في العلل، فهل هذا يعني أنهم لم يحسنوها؟!

بل بلا منازع هؤلاء – وغيرهم – هم رجالات العلل والنقد!!

هذا فضلاً عن أن كتب الأئمة المتقدمين في السنن أو العلل حينما تقتضي منهجيتهم ذلك، كما فعل الإمام الترمذي مثلاً في " الجامع الكبير " لأنه إنما ألف هذا الكتاب من أجل النقد وبيان عمل الفقهاء ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn20))، أو يكون الكتاب مخصصا ً للعلل كما في كتب العلل.

وهكذا فإنّ نقد المحدّثين في المرحلة الأولى نقد علمي متكامل بجميع عناصره، لا يفصل الإسناد عن المتن،ويقوم أسهُ على المعرفة الحديثية والفقهية ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn21)).

وسأوضح منهجية المتقدمين من خلال المراحل الآتية:-

فلو جئتهم بحديث مسند مرفوعٍ بمتن معين فإنهم:

1 - ينظرون إلى متن الحديث هل يخالف نصاً شرعياً أو يخالف الواقع؟. وهذه القنطرة الأولى.

ومن أمثلته: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل:" سمعت أبي يقول حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق بن يسار عن عمران بن أبي أنس أن رجلاً كان له كلب صائد قد أعطيه به عشرين بعيرا فخطب امرأة وخطبها معه رجل من قومها فقالت:لا أنكحك إلا على كلبك فنكحها وساق الكلب إليها فعدا عليه الآخر فقتله فترافعوا إلى عثمان بن عفان فغرمه عشرين بعيراً، سمعت أبي يقول: هذا باطل نهى النبي e عن ثمن الكلب " ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn22)).

2- هل هذا المتن محفوظ عند أئمة الحديث أو لا؟

قال ابن أبي حاتم:" سألت أبي عن حديث أوس بن ضمعج عن ابن مسعود عن النبي e ؟ فقال: قد اختلفوا في متنه، رواه فطن والأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن ابن مسعود عن النبي eقال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة،ورواه شعبة والمسعودي عن إسماعيل بن رجاء لم يقولوا: أعلمهم بالسنة، قال أبي: كان شعبة يقول: إسماعيل بن رجاء كأنه شيطان من حسن حديثه، وكان يهاب هذا الحديث يقول:حكم من الأحكام عن رسول الله eلم يشاركه أحد، قال أبي شعبة أحفظ من كلهم، قال أبو محمد: ليس قد رواه السدي عن أوس بن ضمعج؟ قال:إنما رواه الحسن بن يزيد الأصم عن السدي وهو شيخ أين كان الثوري وشعبة عن هذا الحديث؟! وأخاف أن لا يكون محفوظاً " ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn23)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير