تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعكسوا ميزان النقد، وتحول فيما بعد معيار صحة الحديث وعدمه هو اتصال السند، بنقل العدول الضابطين، أمّا (من غير شذوذ) فكان نصيبه خمطاً،إذ الشاذ قد يكون اسماً بلا مسمى!؟، فالبعض زعم أنّ الأئمة قد سووا بين الشاذ والفرد المطلق؟، فيلزم أن يكون في الشاذ الصحيح وغير الصحيح، وبعضهم خصصه فأطلقه على تفرد الثقة وهذا يلزم أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ ([63] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn63))؟! وهذا يعني أنّ قول الناقد: "شاذ " قد يريد به الحديث الصحيح الفرد الذي لا يتابع!،وهو قول مردود كما بينه الحافظ ابن حجر، كما سيأتي.

ثم جاءت بعض النصوص التي فصلت الإسناد عن المتن، فقد يصح الحديث سنداً ولا يصح متناً ثم تطلق عبارة التصحيح هكذا (إسناده صحيح، ورجاله ثقات)، فتعكّز عليها بعض المتأخرين، وخاصة من المعاصرين ليصححوا مئات، بل آلاف الأحاديث المعلولة تحت هذا الغطاء:" إسناده صحيح ".

بل كم تعكزّ بعض المعاصرين على عبارات الأئمة من المتأخرين الذين فصلوا تصحيح السند عن المتن: كقول ابن الصلاح: " قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولا يصح لكونه شاذاً أو معللاً " ([64] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn64)).

وكقول الإمام النووي: " قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة " ([65] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn65)). فهذه وأمثالها من أقوال الأئمة من المتأخرين استغلت في إطلاق صحة الإسناد على صحة المتن عند بعض المعاصرين.

فأقوال هؤلاء الأئمة لا تعني أن الحديث صحيح،وإنما مقصدهم منها بيان أحوال الرواة بأنهم ثقات أو فيهم صدوق، ويبقى الحديث في خانة الإختبار حتى يجزم بعدم شذوذه وخطئه،ومع هذا فإنّ ظاهر هذه النصوص ساعد على انتشار منهجية فصل الإسناد عن المتن في الحكم على الحديث الواحد لدى المتأخرين ولا سيما لدى المعاصرين، حيث كان تصحيحهم وتحسينهم وتضعيفهم مبنياً على ظواهر الإسناد وأحوال رواته بغض النظر عن متنه، وترسّخ ذلك في عملهم بل تجاوز الأمر حتى إنهم حاكموا المتقدمين على قواعد المتأخرين، فإذا ما أعل النقاد المتقدمون حديثاً تفرد به ثقة أو صدوق بحجة تفرده به، أو إذا أعلوا ما زاده على الآخرين بحجة عدم وجود المتابعة له، يرفضونه بمنتهى البساطة لخروجه من حدود منهجهم الذي يؤسس على ظواهر الإسناد وأحوال الرواة،وأحياناً يعللون ذلك بقولهم:" كما هو مقرر في كتب المصطلح"!

وهذا ما دفع بعض الطاعنين إلى انتقاد كتب الحديث كونها لا تهتم بالمتون، وإنما جلّ اهتمامهم وعنايتهم تنصب في معالجة الأسانيد ([66] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn66)).

وفي هذا يقول الدكتور المليباري:" إن كثيرا من المشتغلين بالأحاديث يتسابقون إلى تخريجها أو تحقيق مصادرها ويقومون بتصحيحها أو تعليلها بصورة توهم أن علم الحديث أمور رياضية تقوم على حسابات خاصة، واعتبارات محددة تقاس عليها جميع الأحاديث فيقولون: هذا صحيح لأن رجاله ثقات، وهذا حسن لذاته لكون راويه صدوقاً، وهذا ضعيف لضعف راويه، وفي حالة وجود متابعة أو شاهد يقولون تقوى هذا الحديث فأصبح صحيحا لغيره أو حسنا لغيره، وهكذا تحول التصحيح والتحسين والتضعيف أمرا سهلا، يتأهل الجميع لتناوله بمجرد التعرف على هذه الطريقة، وحفظ القواعد من كتب مصطلح الحديث! بل إنهم لا يبالون بما قد يصادفهم أثناء بحوثهم من تعليل النقاد أو تصحيحهم فيرفضونه بمنتهى البساطة لخروجه من التقديرات التي تقيدوا بها، فعلى سبيل المثال يعل النقاد حديثا من مرويات ثقة بحجة تفرده به، أو زيادته أو مخالفته لغيره فيأتي بعض المعاصرين ويقول: كلا إنه صحيح؟!! ورواته ثقات، ولا يضر التفرد هنا أو لا تضر الزيادة لان صاحبها ثقة، وإذا صحح النقاد حديثا من مرويات راوٍ ضعيف أو حديثاً من مرويات المدلس الذي عنعن فيه، فيقول المعاصر: كلا إنّ الحديث ضعيف، لأن فبي سنده راوياً ضعيفاً، أو عنعنة المدلس كما هو مقرر في كتب المصطلح " ([67]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير