قلت – الباحث -: هذا المنهج لم يسبق إليه الشيخ البتة، وهو منهج غريب جداً، إذ قسم حديثاً واحداً إلى فقرات، ثم أتى بشواهد من عدة أحاديث مختلفة أغلبها ضعيفة – كما قال هو - لكل فقرة من الفقرات، فصحح الجميع!!. ولو أخذ المتقدمون بهذه الطريقة لما أعلوا حديثاً، بل تصبح كتب العلل عديمة النفع، وأنا أسأل مَن من المتقدمين صحح على هذه الطريقة؟!. ومن هنا أصبحت عملية تصحيح الحديث وتضعيفه عملية سهلة، فما عليك إلا أن تضع بين يديك تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني ثم تفتش عن حال رجال السند فإن كان رجاله كلهم ثقات فهو صحيح، وإن كان فيه صدوق أو أكثر فهو حسن، وإن كان فيه ضعيف فهو ضعيف، وهلم جراً .. ، فأصبح تصحيح الحديث وتضعيفه أمرا ميسوراً يقدر عليه كل واحد، فظهرت مئات الأسماء كمحققين ومخرّجين،ومصححين ومضعفين لحديث رسول الله r وهم ممن لا يميزون بين كوعهم وبوعهم –كما يقال -! ولا يعرفون أبجديات هذا العلم الشريف،ثمّ يخطئون أئمة النقد وجهابذة العلل.
ومن ثم يقول الشيخ عبد الرحمن المعلمي – وهو من أبرز المعاصرين الذين فهموا منهجية المتقدمين في النقد -:" إذا استنكر الأئمة المحققون المتن وكان ظاهر السند الصحة فإنهم يتطلبون له علة، فإذالم يجدوا له علة قادحة مطلقاً حيث وقعت أعلّوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً،ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر، فمن ذلك إعلاله بأن راويه لم يصرح بالسماع هذا، مع أن الراوي غير مدلس ". – ثم أردف -: " ومن ذلك الإعلال بالحمل على الخطأ وإن لم يتبين وجهه ….ومن ذلك إعلالهم بظن أن الحديث أُدخل على الشيخ، كما ترى في لسان الميزان في ترجمة الفضل بن الحباب، وغيرها،وحجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك العلة مطلقا إنما بني على أنّ دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكراً يغلب على ظن الناقد بطلانه فقد يحقق وجود الخلل، وإذا لم يوجد سبب له إلا تلك العلة فالظاهر أنها هي السبب، وإن هذا من ذلك النادر الذي يجيء الخلل فيه من جهتها،وبهذا يتبين أن ما وقع ممن دونهم من التعقب بأن تلك العلة غير قادحة، وأنهم قد صححوا ما لا يحصى من الأحاديث مع وجودها فيها إنما هو غفلة عما تقدم من الفرق، اللهم إلا أن يثبت المتعقب أن الخبر غير منكر ".
ثم ختم ذلك بنتيجة هي أنّ: "القواعد المقررة في مصطلح الحديث منها ما يذكر فيه خلاف، ولا يحقق الحق فيه تحقيقا واضحاً، وكثيراً ما يختلف الترجيح باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرا، وإدراك الحق في ذلك يحتاج إلى ممارسة طويلة لكتب الحديث والرجال والعلل مع حسن الفهم وصلاح النية " ([81] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn81)).
ــــــــ
([1]) الجرح والتعديل 2/ 40 ترجمة (5).
([2]) الجرح والتعديل 2/ ترجمة (170) قلت: ومن أمثلته أيضا: قال في ترجمة أحمد بن بحر العسكري: " سألت أبي عنه وعرضت عليه حديثه فقال: حديث صحيح. وهو لا يعرفه " الجرح والتعديل 2/ 42 (15).
([3]) تهذيب الكمال 7/ 112 (6554).
([4]).مقدمة تحرير التقريب، د. بشار عواد، والشيخ شعيب الأرنؤوط 1/ 18 - 20، وانظر مقدمة تأريخ الخطيب،د. بشار عواد معروف 1/ 137 - 138.
([5]) انظر مقدمة جامع الترمذي،د. بشار عواد معروف 1/ 33، ونظرات جديدة، المليباري ص 95.
([6]) مقدمة ابن الصلاح ص 59.
([7]) انظر شرح علل الترمذي 2/ 638، والنكت على ابن الصلاح 2/ 607 - 608، والمنهج المقترح، العوني ص217.
([8]) مقدمة ابن الصلاح ص265.
([9]) لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة، الزبيدي ص17، وانظر المنهج المقترح، العوني ص92.
([10]) الجرح والتعديل 2/ 40 ترجمة (5).
([11]) سير أعلام النبلاء، الذهبي 11/ 48.
([12]) ترتيب المدارك، القاضي عياض 2/ 427، وأصل النص عند ابن حبان في المجروحين 1/ 42 بلفظ قريب.
([13]) جامع بيان العلم، ابن عبد البر 2/ 46، وانظر نظرات جديدة في علوم الحديث، المليباري ص55.
([14]) نقله الكتاني في مقدمة نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص3.
([15]) أدب الإملاء، السمعاني ص135، وانظر نظرات جديدة، المليباري 56.
([16]) مصدر سابق.
([17]) معرفة علوم الحديث، الحاكم ص60.
([18]) الكفابة ص 169.
¥