تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• وذهب فريق خامس من العلماء الى أن النهي متوجه الى منع الجمع بين القران والسنة في صحيفة واحدة، والإذن وارد في التفريق بينهما؛ حكا هذا القول الإمام ابن حجر في الفتح فقال: " النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القران في شيء واحد والإذن في تفريقهما". وقال السيوطي:" وقيل النهي مخصوص بكتابة الحديث مع القران في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ". ونقل الشيخ عبد العظيم آبادي في شرحه لسنن أبي داود عن الشيخ علي القارئ ما يؤيد هذا المعنى بقوله: " فأما أن يكون نفس الكتاب محظورا فلا وقد أمر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمته بالتبليغ وقال:"ليبلغ الشاهد الغائب". فان لم يقيدوا ما يبلغونه تعذر التبليغ، ولم يؤمن ذهاب العلم، وان يسقط أكثر الحديث،فلا يبلغ آخر القرون من الأمة ... فدل ذلك على جواز كتابة الحديث والله اعلم "، ويشهد لهذا الرأي ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من الصحابة من الأمر بتجريد المصاحف وعدم إدخال شيء عليها؛ يقول الإمام الزيلعي: " عن ابن مسعود أنه قال "جردوا القرآن"ويروى" جردوا المصاحف" قلت:رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في الصلاة، وفي فضائل القران، ... وفي مصنف عبد الرزاق "جردوا القران لا تلحقوا به ما ليس منه".

• وذهب بعض العلماء الى أن حديث أبي سعيد ألخدري لا يصح رفعه الى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإنما يصح موقوفا على أبي سعيد ألخدري وهو لاشك ابرز الأحاديث في المسألة المطروحة وبالتالي فالحديث الموقوف لا يقوى على معارضة الأحاديث التي ثبت رفعها الى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيكون الحكم لأحاديث الإذن وليس لأحاديث المنع؛ ذكر هذا الرأي الإمام ابن حجر وعزاه الى الإمام البخاري فقال:" ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وصحح وقفه عليه، قاله البخاري وغيره".

ومنهم من قال إن النهي مختص بزمن نزول الوحي والتخصيص في الكتاب يدخل مرحلة الإذن بعد انقطاع الوحي،حكا هذا القول الإمام ابن حجر والمباركفوري، وهو بعيد لأن تخصيص النصوص لا يملكها احد بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والله اعلم

المطلب الثالث

موقف الصحابة رضي الله عنهم من التدوين:

اختلف الصحابة رضي الله عنهم في موقفهم من التدوين الى مجيز ومانع، وقد أنبنى موقفهم هذا على الاختلاف الوارد في النقل في هذه المسألة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بل إن الإختلاف في المواقف من هذه المسألة وصل الى الصحابي الواحد، فكم من الصحابة المبرزين نقل عنهم ما يدل على إباحة التدوين، ونقل عنهم أنفسهم ما يفيد النهي عن التدوين، كما سنرى في الصفحات القادمة، فما سبب هذا التنوع في المواقف؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه بعد أن نستعرض طائفة من الآثار الدالة على حضر التدوين ثم طائفة من الآثار الدالة على منع التدوين،ونرى بعد ذلك لمن تكون كفة الترجيح؟.

أولا: الآثار المنقولة عن الصحابة رضي الله عنهم

في كراهة التدوين

نقلت عن الصحابة رضي الله عنهم مجموعة من الآثار تدل على كراهتهم لتدوين حديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منها:

• عن أبي نضرة قال قلت لأبي سعيد:" ألا تكتبنا فانا لا نحفظ فقال: لا إنا لن نكتبكم،ولن نجعله قرآنا،ولكن أحفظوا عنا كما حفظنا نحن عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:.

• عن القاسم بن محمد قال قالت عائشة:جمع أبي الحديث عن رسول اله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا،قالت فغمني،فقلت: تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟،فلما أصبح قال أي بنية:هلمي الاحاديث التي عندك، فدعا بنار فاحرقها فقال خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن قد حدثني، فأكون قد تقلدت ذلك".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير