• عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قيدوا العلم بالكتاب ".
• عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال قلت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إنا نسمع منك أشياء افنكتبها؟ قال: " اكتبوا ولا حرج ".
• عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال في مرضه الذي توفي فيه: "
• ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا".
• ما ثبت من كتابة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصدقات والديات والسنن لعمرو بن حزم رضي الله عنه.
• عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: بينما نحن جلوس حول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نكتب إذ سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية؟ قال: " لا بل مدينة هرقل أولا".
• وعنه رضي الله عنه أنه أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقال يا رسول الله إني أريد أن اروي من حديثك، فأردت أن استعين بكتاب يدي مع قلبي إن رأيت ذلك؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إن كان حديثي ثم استعن بيدك مع قلبك ".
فهذه ابرز الأحاديث التي وردت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الإذن في الكتابة،وسنعرض لأقوال العلماء في توجيه التعارض الذي يبدو بين هذه الأحاديث وتلك التي نقلناها في المطلب السابق وبالله التوفيق.
ثالثا: موقف العلماء من أحاديث المنع والإباحة:
بعد أن رأينا أن الأحاديث المنقولة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مختلفة وتبدو متعارضة في مسألة السماح في تدوين الحديث النبوي أو عدم ذلك،كان لابد للعلماء من توجيه يجمعون به بين هذه الأحاديث،خاصة إذا علمنا أن لا سبيل لترجيح كفة على أخرى من حيث الثبوت، فكما أن أحاديث المنع عن الكتابة بمجموعها صحيحة وثابتة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا سبيل لردها، كذلك لا سبيل للكلام في ثبوت الأحاديث التي تأذن في الكتابة،لذا تعين البحث في الجمع بين هذه الأحاديث خارج دائرة ترجيح إحدى الكفتين على الأخرى، لذا تعددت تخريجات العلماء لدفع هذا التعارض، وهذا ما سنحاول التعرض له في الصفحات القادمة إن شاء الله.
• ذهب كثير من العلماء الى أن النهي الوارد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إنا كان في بداية الدعوة الإسلامية كي لا يختلط الحديث بكتاب الله تعالى، فلما زال هذا الاحتمال وامن اللبس أذن لهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالكتابة من دون حمل ذلك على النسخ ولا تصريح به؛ يقول الإمام ابو سعيد السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء بهذا الخصوص: " إن كراهة تدوين الحديث، إنما كانت في الابتداء، كي لا تختلط بكتاب الله،فلما وقع الأمن عن الاختلاط جاز كتابته ".
وممن ذهب الى هذا الرأي الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم فقال: " وقيل كان النهي أولا لما خيف اختلاطه بالقران،والإذن بعده لما امن من ذلك ".
ونقل صاحب عون المعبود عن الخطابي قوله في توجيه المسألة: " أن يكون النهي متقدما، وآخر الأمرين الإباحة ".
• ومن العلماء من صرح أن أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث المنع، حكي ذلك ابن حجر في الفتح فقال: " أو أن النهي متقدم والاذن ناسخ له". وقال السيوطي في الديباج:" هذا منسوخ بالأحاديث الواردة في الإذن بالكتابة، وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما امن ذلك إذن فيه".
• بينما ذهب فريق آخر من العلماء الى أن النهي خاص والإذن عام؛ " والنهي متعلق بمن يخشى منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أذن منه ذلك ". قال السمعاني في هذا الخصوص: " وكانوا يكرهون الكتاب أيضا لكي لا يعتمد العالم على الكتاب بل يحفظه". وقال النووي رحمه الله: " كان النهي لمن خيف اتكاله على الكتاب وتفريطه في الحفظ،مع تمكنه منه والإذن لمن لا يتمكن من الحفظ".
¥