عن إسماعيل بن أمية: أن عمر أفرد معاوية بالشام، ورزقه في الشهر ثمانين دينارا. والمحفوظ أن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان. وعن رجل، قال: لما قدم عمر الشام، تلقاه معاوية في موكب عظيم وهيئة، فلما دنا منه، قال: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال: نعم. قال: مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك. قال: نعم. قال: ولم تفعل ذلك؟ قال: نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم فإن نهيتني انتهيت، قال: يا معاوية! ما أسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس. لئن كان ما قلت حقا، إنه لرأي أريب، وإن كان باطلا، فإنه لخدعة أديب. قال: فمرني. قال: لا آمرك ولا أنهاك. فقيل: يا أمير المؤمنين! ما أحسن ما صدر عما أوردته. قال: لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه.
ورويت بإسنادين عن العتبي نحوها.
مسلم بن جندب، عن أسلم مولى عمر، قال: قدم معاوية وهو أبض الناس وأجملهم ; فخرج مع عمر إلى الحج، وكان عمر ينظر إليه، فيعجب، ويضع أصبعه على متنه، ثم يرفعها عن مثل الشراك فيقول: بخ بخ. نحن إذا خير الناس إن جمع لنا خير الدنيا والآخرة. قال: يا أمير المؤمنين! سأحدثك ; إنا بأرض الحمامات والريف. قال عمر: سأحدثك، ما بك إلا إلطافك نفسك بأطيب الطعام، وتصبحك حتى تضرب الشمس متنيك، وذوو الحاجات وراء الباب. قال: فلما جئنا ذا طوى، أخرج معاوية حلة، فلبسها، فوجد عمر منها طيبا، فقال: يعمد أحدكم يخرج حاجا تفلا حتى إذا جاء أعظم بلد لله حرمة، أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما، قال: إنما لبستهما لأدخل فيهما على عشيرتي. والله لقد بلغني أذاك هنا وبالشام، والله يعلم أني قد عرفت الحياء فيه. ونزع معاوية الثوبين، ولبس ثوبي إحرامه.
قال المدائني: كان عمر إذا نظر إلى معاوية، قال: هذا كسرى العرب.
ابن أبي ذئب، عن المقبري ; قال عمر: تعجبون من دهاء هرقل وكسرى وتدعون معاوية؟
عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده، قال: دخل معاوية على عمر، وعليه حلة خضراء. فنظر إليها الصحابة. قال: فوثب إليه عمر بالدرة، وجعل يقول: الله الله يا أمير المؤمنين، فيم فيم؟ فلم يكلمه حتى رجع. فقالوا: لم ضربته وما في قومك مثله؟ قال: ما رأيت وما بلغني إلا خيرا، ولكنه رأيته، وأشار بيده، فأحببت أن أضع منه.
قال أحمد بن حنبل: فتحت قيسارية سنة تسع عشرة وأميرها معاوية.
وقال يزيد بن عبيدة: غزا معاوية قبرص سنة خمس عشرين.
وقال الزهري: نزع عثمان عمير بن سعد، وجمع الشام لمعاوية.
وعن الزهري قال: لم ينفرد معاوية بالشام حتى استخلف عثمان.
سعيد بن عبد العزيز: عن إسماعيل بن عبيد الله، عن قيس بن الحارث، عن الصنابحي، عن أبي الدرداء، قال: ما رأيت أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أميركم هذا، يعني معاوية.
وكيع: عن الأعمش، عن أبي صالح قال: كان الحادي يحدو بعثمان: إن الأمير بعده علي
وفي الزبير خلف رضي
فقال كعب: بل هو صاحب البغلة الشهباء، يعني: معاوية. فبلغ ذلك معاوية، فأتاه فقال: يا أبا إسحاق تقول هذا وهاهنا علي والزبير وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! قال: أنت صاحبها.
قال الواقدي: لما قتل عثمان، بعثت نائلة بنت الفرافصة امرأته إلى معاوية كتابا بما جرى، وبعثت بقميصه بالدم، فقرأ معاوية الكتاب، وطيف بالقميص في أجناد الشام، وحرضهم على الطلب بدمه. فقال ابن عباس لعلي: اكتب إلى معاوية، فأقره على الشام، وأطمعه يكفك نفسه وناحيته. فإذا بايع لك الناس، أقررته أو عزلته. قال: إنه لا يرضى حتى أعطيه عهد الله وميثاقه أن لا أعزله. وبلغ معاوية فقال: والله لا ألي له شيئا، ولا أبايعه. وأظهر بالشام أن الزبير قادم عليكم ونبايعه. فلما بلغه مقتله، ترحم عليه، وبعث علي جريرا إلى معاوية، فكلمه وعظم عليا، فأبى أن يبايع، فرد جرير، وأجمع على المسير إلى صفين، فبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه، وأن يدفع إليه قتلة عثمان، فأبى، ورجع أبو مسلم، وجرت بينهما رسائل، وقصد كل منهما الآخر، فالتقوا لسبع بقين من المحرم سنة سبع.
¥