لِذَا لم أتَكَلَّفْ التَّوَسُّعَ في ذَاكِرَاتِ سِيَرِ هَؤلاءِ الأعْلامِ جَمْعًا وتَرْتِيْبًا، وَضْعًا وتَبْوِيْبًا؛ بَلْ أجْرَيْتُ القَلَمَ تَقْيِيْدًا لأعَالِيْقِ الذَّاكِرَاتِ، وتَصْيِيْدًا لعُصُمِ المَغَارَاتِ، لَيْسَ إلَّا.
* * *
وكُنْتُ مُسْتَنًّا في تَرْسِيْمِ هَذِهِ الشَّذَرَاتِ المُخْتَصَرَاتِ بمَنْ سَلَفَ وغَبَرَ مِنْ أئِمَّةِ التَّارِيْخِ والسِّيَرِ والتَّراجِمِ في تَنْقِيْطِ سِيَرِ الأعْلامِ، فَكَمْ عِنْدَهُم مِنْ إمَامٍ وهُمَامٍ قَدْ أخَذُوا سِيْرَتَهُ في صَفَحَاتٍ، ورُبَّما في وَرَقَاتٍ، لكِنَّهَا آتِيَةٌ بِمَا للإمَامِ مِنْ جُمَلٍ شَافِيَةٍ، وأخْبَارٍ كَافِيَةٍ، فَكَانَ الخَيْرُ فِيْهَا والائْتِمامُ بِها، ومَنْ أرَادَ تَفْصِيلًا (عِنْدَهُم) لمَسِيْرَاتِ الإمَامِ أو تَكْمِيْلًا لمُتَمِّمَاتِ هَذَا الهُمَامِ، فَدُوْنَهُ المَبْسُوْطَاتِ مِنْ أمَّاتِ كُتُبِ السِّيَرِ والطِّبَاقِ، ففِيْهَا مَا يَرْوِي الغَلِيْلَ، ويَشْفِي العَلِيْلَ ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=77#_ftn1))، والله وَليُّ المُتَّقِيْنَ!
* * *
وبَعْدُ؛ فَهَذِهِ مَسَايِرُ عَاطِرَةٌ، وتَرَاجِمُ خَاطِرَةٌ، كَتَبْتُهَا ارْتِجَالًا، واخْتَطْتُهَا حَالًا، ولم أتَحَقَّقْ في بَادِيَاتِهَا، ولم أدَقِّقْ في خَاتَماتِهَا، بَلْ سُقْتُهَا بعُصِيِّ الذِّكْرَى، وتَرَكْتُهَا كعُمَّى الثُّكْلَى ... هَكَذَا لتَبْقَى غَادَةً رَائِقَةً، وعَذْرَاءَ فَائِقَةً، دُوْنَ مَسٍّ لِيَدٍ، أو هَمْسٍ لِقَدٍ، فَلَمْ تُفَضْ بَكَارَتُهَا ولم تُكْشَفْ مُخَدَّرَاتُهَا ... إنَّها سِيِرٌ سَائِرَةٌ بِلا تَكَلُّفٍ، وكَلِمَاتٌ مُسَطَّرَةٌ بِلا كَلَفٍ.
* * *
وأخِيْرًا؛ فَهَؤلاءِ ثَلاثَةُ أعْلامٍ أفَاضِلَ، هَجَمَتْ سِيَرُهُم على قَلَمِي، وتَفَجَّرَتْ تَرَاجِمُهُم بكَلِمِي، دُوْنَ اسْتِئذَانٍ أو أوَانٍ، بَلْ جَادَتْ بِها القَرِيْحَةُ عَفْوًا، وفَاضَتْ بِها المَدِيْحَةُ قَفْوًا، حُبًّا لهُم، وبِرًّا بِهِم ... ومَا أنَا مِنَ المُتَكَلِّفِيْنَ، ولَسْتُ مِنَ المُؤرِّخِيْنَ، اللَّهُمَّ بَقَايَا مِنْ ذِكْرَى الفِكْرِ، ونَقَايَا مِنْ أحَادِيْثِ الصَّدْرِ، ولملَماتٍ مِنْ هُنَا وهُنَاكَ ... فأقْبَلَتْ في خُطَاهَا لتَحْكِي انْتِظَامَ العِقْدِ، واسْتَقَامَتْ في نَصِّهَا لتُسَامِي قِوَامَ القَدِّ، فللَّهِ مِنِّي الشُّكْرُ والحَمْدُ!
* * *
فَكَانَ مِنْهُم اليَوْمَ؛ شَيْخُنَا العَلَّامَةُ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدٌ العُثَيْمِيْنُ، والشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُجَاهِدُ حُمُوْدٌ العُقْلاءُ، وشَيْخُنَا العَلَّامَةُ البَلِيْغُ بَكْرٌ أبو زَيْدٍ، رَحِمَهُمُ الله تَعَالى جَمِيْعًا.
وسَيَكُوْنُ مِنْهُم قَرِيْبًا إنْ شَاءَ الله: شَيْخُنَا العَلَّامَةُ الحُجَّةُ عَبْدُ العَزِيْزِ ابنُ بَازٍ، وشَيْخُنَا العَلَّامَةُ الفَقِيْهُ المُؤرِّخُ عَبْدُ الله البَسَّامُ، ومُحَدِّثُ العَصْرِ شَامَةُ الشَّامِ مُحْي السُّنَّةِ نَاصِرُ الدِّيْنِ الألْبَانيُّ، وشَيْخُ العَرَبِيَّةِ العَلَّامَةُ المُحَقِّقُ مَحْمُوْدُ شَاكِرٍ المِصْرِيُّ رَحِمَهُمُ الله تَعَالى، في غَيْرِهِم مِنَ الأحْيَاءِ؛ لاسِيَّما وَالدُنَا العَلَّامَةُ شَيْخُ الحَنَابِلَةِ عَبْدُ الله ابنُ عَقِيْلٍ، ووَالِدُنَا العَلَّامَةُ الفَقِيْهُ العَامِلُ عَبْدُ الله الجِبْرِيْنُ، والله الهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ.
* * *
وقَدْ مَدَدْتُ لمَنَائِحِ هَذِهِ التَّرَاجِمِ حَبْلًا مَوْصُوْلًا في كَرَائِمَ ثَلاثٍ، وقَبْلَهَا مُقَدِّمَةٌ، وبَعْدَهَا تَوْطِئَةٌ، كَمَا يَلي:
المُقَدِّمَةُ، والتَّوْطِئَةُ.
الكَرِيْمَةُ الأوْلى: شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدٌ بنُ عُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ الله.
الكَرِيْمَةُ الثَّانِيَةُ: شَيْخُ الطَّبَقَةِ حُمُوْدٌ العُقْلاءُ رَحِمَهُ الله.
الكَرِيْمَةُ الثَّالِثَةُ: شَيْخُ العُلَماءِ وبَلِيْغُ الأدَبَاءِ بَكْرٌ أبو زَيْدٍ رَحِمَهُ الله.
والحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِه ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ
وكَتبَهُ
ذِيَابْ بْن سَعْد آل حَمْدَانَ الغَامدِيّ
لَيْلَةَ الاثْنِيْنَ لخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ لعَامِ ألْفٍ وأرْبَعْمائَةٍ وتِسْعَةٍ وعِشْرِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ على صَاحِبِهَا أفْضَلُ الصَّلاةِ وأتَمُّ التَّسْلِيْمِ
(25/ 2/1429)
([1]) أي: عِلَّةُ النَّهَمِ العِلْمِيِّ.