[نجم أفل: الأستاذ عبد الإله العمراني]
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[18 - 03 - 09, 12:11 م]ـ
لازالت سماء المغرب تفتقد نجومها، وتنكسف أقمارها، وكل واحد منها يتلو الآخر، ويحتذي أثر من سبقه، كأنهم على ميعاد، ولكنها الآجال تستوفي أقدارها، وَفْق ما خُطَّ في الأزل.
ونجمنا اليوم الذي فجعنا بفقده منذ أيام، هو الأستاذ المربي عبد الإله بن عبد القادر العمراني.
ولادته: ولد بطنجة بتاريخ 15 جمادى الأولى سنة 1365هـ، موافق 17 أبريل 1946م.
نشأته: نشأ بطنجة، في بيت عُرِف بالتدين والالتزام، والصون والعفاف، في حضن والده الأستاذ الكتبي المطلع عبد القادر بن مصطفى العمراني المعروف بالجزائري، صاحب مكتبة الثقافة بقيسارية المدينة، فقد رباه على الأخلاق الفاضلة ومحبة العلم وأهله. أدخله الكتاب بحي دار البارود، حيث حفظ أجزاءا من القرآن الكريم على الفقيه محمد بن عمرو العمرتي المعروف بدامجو، وبعدها انتقل إلى التعليم النظامي بمدرسة بونسي بحي أمراح، وبها حصل على الشهادة الابتدائية، ثم على شهادة البروفي بإعدادية محمد الخامس، التي خولت له الالتحاق بالمدرسة الإقليمية للمعلمين بعين الشق-الدار البيضاء سنة 1964م.
دراسته وشيوخه: درس أولا ببلده طنجة على مجموعة من الأساتذة والمشايخ منهم: محمد الريفي مدير إعدادية محمد الخامس، والمحامي التهامي العمراني، والعلوي الذي عمل مستشارا في وزارة الخارجية، وعبد السلام اللواح، ومحمد الزمزمي، ثم بتطوان لما التحق بكلية أصول الدين على: عبد الله كركب، وعبد السلام الكنوني، وإدريس خليفة … وظل مرتبطا بها، مجتهدا في التزود من علومها، إلى أن حصل على شهادة الإجازة سنة 1987هـ.
وظائفه: بعد أن أتم تعليمه النظامي، توجه إلى العمل في التعليم ابتداءً من سنة 1965م، بكل من الدار البيضاء وطنجة. ثم اشتغل بالإدارة حيث شغل منصب مدير مدرسة بكل من مدرسة عبد العالي بن شقرون بقبيلة بني أحمد بشفشاون (ابتداءا من سنة 1991م)، ومدرسة السانية جهة طنجة البالية (ابتداءا من سنة 1996م)، ومدرسة البوغاز بطنجة (ابتداء من سنة 2000م) وهي آخرها.
واشتغل أيضا من باب التطوع والاختيار بالخطابة في بعض مساجد قبيلة بني أحمد أثناء عمله بها. وانخرط في أواخر الثمانينات برابطة علماء المغرب، وأصبح عضوا منتسبا إليها.
الشهادات المحصل عليها:
- شهادة الدروس الابتدائية سنة 1960م.
- شهادة التعليم الثانوي الحر سنة 1963م.
- شهادة الدروس العادية للمعلمين سنة 1968م.
- شهادة البكالوريا-شعبة الآداب العصرية سنة 1980م.
- شهادة الإجازة من كلية أصول الدين بتطوان سنة 1987م.
خصاله: لقد كان رحمه الله يتمتع بخصال عالية، وأخلاق رفيعة، يشهد بها كل من خالطه وعرفه، منها: التواضع، والصبر، والتؤدة، والحلم، والصدق في الحديث، وكرم الضيافة، وسلامة صدر، والبشاشة، ولين جانب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ....
وفيه خصال ليس يدرك كنهها تعالى بها والدر يمتاز بالقيمْ
أنشطته: كان رحمه الله منذ صغره نشيطا وحركيا لذلك انخرط في العمل الحزبي منذ وقت مبكر، فكان عضوا بارزا في حزب الاتحاد الاشتراكي في السبعينات، وكان من المؤسسين للنقابة الوطنية للتعليم، والمناضلين البارزين في صفوفها، وقد أدى الضريبة على ذلك بتاريخ 12 أبريل سنة 1979 حينما طرد من عمله لمدة سنة. وظل في هذا المضمار معتصما إلى أن عاف السياسة، وكره العيش في دروبها، فاضطره الأمر إلى الاستقالة، والرجوع إلى درب المعرفة وهو السبب الرئيسي الذي حثه على ولوج كلية أصول الدين. وظل بعد ذلك متفرغا للعلم والثقافة إلى أن وافاه الأجل.
ومن أنشطته الموازية التي كان يستغل فيها مهاراته:
- الرسم: فقد كان رساما ماهرا، زين بذوقه وفنه لوحات فنية رائعة.
- الخط: فقد كان خطاطا يتقن خط الثلث المشرقي، وفي هذا الصدد أُخْبِرْتُ بأن يده خطت أغلب لافتات المؤتمر الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي سنة 1975م.
أعماله وآثاره: كان رحمه الله كثير التقييد بخطه المونق الجميل، يختار ويجمع في دفاتر وكنانيش ما تروق له من مواضيع ونقول، أما الكتابة المنظمة والممنهجة، فلم يترك منها سوى بحثين، حسب اطلاعي، هما:
الأول بعنوان: التوبة في القرآن الكريم، وهو بحثه للإجازة.
الثاني بحث بيداغوجي في التسيير الإداري.
وقصتين قصيرتين، الأولى بعنوان توبة. والثانية بعنوان كذبة.
هذا بالإضافة إلى لوحات فنية تفرقت شذر مذر بين أيدي عارفيه ومحبيه، ولم يحتفظ إلا ببضعة منها وجدت بخزانته.
وبعد هذه الحياة الحافلة بالنشاط، والأجواء المفعمة بالاغتباط، رحل الفقيد بعد أن عانى في سنيه الأخيرة من أعراض ناتجة عن بوادر الشيخوخة المبكرة، عشية يوم الجمعة قبيل أذان المغرب 16 ربيع الأول 1430هـ موافق 13 مارس 2009م بطنجة. ثم شيعت جنازته بعد صلاة العصر من اليوم الموالي في موكب مهيب تغشاه السكينة والوقار إلى أن ووريت جثته الثرى بمقبرة المجاهدين، وحضر جنازته عدد من المثقفين والعلماء منهم: الدكتور محمد التمسماني، والدكتور عبد الله المرابط الترغي، والفقيه أحمد الشراط، والشاعر محمد الرغيوي، والخطيب الصادق أزام وقد ألقى موعظة مؤثرة تذكر بالحال والمآل. رحمه الله وأجزل له المثوبة.