تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولذلك؛ أقول لك يا أخي الكريم: الأعداء لا يمكن أن يتوقفوا عن الطعن في هذا الدين، والقدح في أصوله، وبث السموم بين أهله ليشككوهم فيما يعتقدونه، فهل يمكن أن نرد على جميع ما يطرحونه في الساحة.

إن طريقة القرآن في عرض أقوال خصومه والطاعنين فيه تحتاج إلى تأمل وتدبر؛ لتعرف على الطريقة الصحيحة السليمة في هذا الباب.

وقد تأملت بعض الآيات على وجه السرعة، فرأيت أن من منهج القرآن في ذلك: إهمال الرد عليهم وتركه بلا جواب؛ لأنه قد لا يستحق ذلك الرد لتهافته وبطلانه.

وأحيانأ: يرده رداً سريعاً بالحكم بأنه قول باطل ساقط، وأن الحق خلافه

واقرأ معي بتأمل هذه الآيات في سورة الفرقان: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا 4 وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا 5 قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 6 وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا 7 أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا 8)

واقرأ سورة آل عمران، ففيها أمثلة كثيرة تحتاج إلى تدبر وتأمل.

وبهذه المناسبة فإني أقترح أن يبحث هذا الموضوع بحثاً تفصيلياً موسعاً ليستفاد منه في هذا المجال، ويكون عنون البحث: منهج القرآن في إيراد أقوال خصومه والرد عليها

أو قريباً من ذلك.

أما أصل الرد على أهل الباطل فقد ذكر ابن القيم رحمه الله أنه حق من حقوق الله على عباده فقال في مقدمة كتابه: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى:

(ومن بعض حقوق الله على عبده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان.

وكان انتهى إلينا مائل أوردها بعض الكفار الملحدين على بعض المسلمين فلم يصادف عنده ما يشفيه، ولا وقع دواؤه على الداء الذي فيه، وظن المسلم انه باجابته القاصة اصاب، فقال: هذا هو الجواب! فقال الكافر: صدق أصحابنا في قولهم: ان دين الاسلام انما قام بالسيف لا بالكتاب.

فتفرقا وهذا ضارب وهذا مضروب، وضاعت لحجة بين الطالب والمطلوب، فشمر المجيب عن ساعد العزم، ونهض على ساق الجد وقام لله قيام مستعين به مفوض إليه متكل عليه في موافقة مرضاته، ولم يقل مقالة العجزة الجهال: إن الكفار إنما يعاملون بالجلاد دون الجدال، وهذا فرار من الزحف، وإخلاد إلى العجز والضعف.

وقد أمر الله بمجادلة الكفار بعد دعوتهم إقامة للحجة وإزاحة للعذر " ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ".

والسيف إنما جاء منفذا للحجة مقوما للمعاند، وحدا للجاحد، قال تعالى: " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ".

فدين الإسلام قام بالكتاب الهادي ونفذه السيف.

فما هو الا الوحي او حد مرهف يقيم ضباه اخدعي كل مائل

فهذا شفاء الداء من كل عاقل وهذا دواء الداء من كل جاهل

وإلى الله الرغبة في التوفيق، فانه الفاتح من الخير أبوابه والميسر له أسبابه. وسميته هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى.) انتهى

وأخيراً: أشكرك أخي عابر سبيل على أدبك ولطفك في الرد والمناقشة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير