العمل الأول: تلك القصيدة التى نظمها الشاعر الفلسطينى محمود درويش وهي جزء من ديوانه " ورد أقل " الصادر عن دار توبقال المغربية عام 1986م. ولحنها أحد المطربين – هو المطرب اللبناني مارسيل خليفة - ليتغنى بها ومن فقراتها التى جاءت فيها:
"ماذا صنعت لهم يا أبي؟
الفراشات حطت على كتفيَّ،
ومالت عليّ السنابل،
والطير حطت على راحتي،
فماذا فعلت أنا يا أبي؟ ".
والشاعر يضع هذا المقطع بين مقطعين يذكر في أولهما عدوان إخوة يوسف عليه وفي الثاني يقول:
"همو أوقعوني في الجب،
واتهمو الذئب،
والذئب أرحم من إخوتي ..
أبتِ هل جنيت على أحد
عندما قلت إني: رأيت أحد عشر كوكبًا،
والشمس والقمر
رأيتهم لي ساجدين؟ ".
وهذا الجزء الأخير " إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين " هو جزء من الآية (4) من سورة يوسف 0
العمل الثانى: تلك القصيدة التى لحنها مطرب كويتى وتغنى بها – هو المطرب عبد الله الرويشد - وقد أثارت بلبلة عما قريب حيث جاء فيها:
الحمد لله رب العالمين
وإياك نعبد وإياك نستعين إياك
وحينما أثيرت هاتان القضيتان وكان ذلك فى وقتين مختلفين برز نفس السؤال عن حكم الاقتباس من القرآن الكريم فى الشعر، ولذا آثرت الإشارة إلى هذه القضية بإسهاب لأهميتها.
ثانيا- الاقتباس فى النثر
الاقتباس فى النثر لاشئ فيه إذا حسن الغرض وشرف المقصد وقد وقع فى كلام النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من ذلك الكثير، وقد برز ذلك فى رسائله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى الفرس وهرقل الروم وغيرهما، ففى رسالته إلى كسرى التى أرسلها مع عبد الله بن حذافة جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة " لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين " وهو اقتباس من قوله تعالى: " لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَياًّ وَيَحِقَّ القَوْلُ عَلَى الكَافِرِينَ " (يس:70) وفى رسالته إلى هرقل الروم جاء: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسين أي الفلاحين ويأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون وهو اقتباس من قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 64)
وختاما وبعد هذا العرض يتضح لنا أن الاقتباس هو مباح بضوابط، أقلها ألا يكون فى الأعمال الماجنة التى لا ترعى لله حقا، فلعنة الله والملائكة والناس أجمعين على قوم لا يقيمون للدين شأنا {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (الشعراء:227)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Nov 2003, 09:48 م]ـ
جزى الله الدكتور أحمد الخطيب خيراً على طرحه هذا، وأود أن ألفت نظر الإخوة الكرام إلى أن الأستاذ الدكتور أحمد الخطيب يعكف حالياً على تصنيف (معجم مصطلحات التفسير)، وقد انتهى من أكثر من ستمائة مصطلح إن لم أكن واهماً حسب كلامه وفقه الله. ومصطلح الاقتباس هنا هو من هذا التصنيف، وقد وعد بطرحها على التوالي في الملتقى إن شاء الله.
وأرجو من الدكتور أحمد وفقه الله أن يقدم بين يدي هذه المصطلحات - التي ذكر منها هنا الاقتباس، وذكر الاستقصاء من قبل - بمقدمة يبين لنا فيها منهجه في هذا المعجم، والدراسات السابقة التي طبعت في هذا الباب.
كما أرجو من الدكتور الكريم أن يتكرم بذكر المصادر التي تحدثت عن هذا المصطلح، حيث إنني أعتقد أن أهمية مصطلحات العلوم التي بدأت تظهر - ولله الحمد - تظهر في أمرين:
الأول: هو تفصيل معاني المصطلح، والتوسع في ذلك، مع التأصيل له، والتطور الذي طرأ على هذا المصطلح.
الثاني: الإحالة إلى كل من تحدث عن هذا المصطلح من المتقدمين والمعاصرين ليتمكن الباحثون من التوثيق والاستزادة.
وقد أجاد المرعشلي ومن معه عندما قاموا بتحقيق كتاب (البرهان في علوم القرآن للزركشي)، فقد قاموا في كل علم من علوم القرآن التي تكلم عنها الزركشي بالإحالة إلى كل من تكلم عن هذا النوع من علوم القرآن بتفصيل وإسهاب في ذكر المراجع، انتفع بها خلائق لا يحصون، منهم من يذكر ذلك، وكثير منهم يعرضون.
وفي الختام أود أن أشير إلى أن كتاب (الفوائد المشوق) ليس لابن القيم، وإنما هو مقدمة تفسير ابن النقيب كما حقق ذلك من قام بتحقيق مقدمة تفسير ابن النقيب.
وفقكم الله يا دكتور أحمد لما يحب ويرضى، ونحن ننتظر بقية المصطلحات الحافلة.
¥