والذي يبدو لي أن عبارة الزرقاني لا تدل على أنه يعني أول من صنف في إعراب القرآن، وإنما هو في طليعتهم. وهو كذلك رحمه الله وكان مشهوراً بالمعرب لتصنيفه كتاباً في إعراب القرآن كما ذكر أهل التراجم كالسيوطي في طبقات المفسرين وذكر أنه في عشر مجلدات.
وأما قول الزرقاني بأن (علوم القرآن كفن مدون قد استهلت صارخة على يد الحوفي في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس) فقد قيد كلامه هذا بأنه أخذ هذا المعنى من عنوان الكتاب كما هو مكتوب على طرة المخطوطة: (البرهان في علوم القرآن)، وأن الجزء الأول من الكتاب مفقود مما لم يتمكن معه أن يأخذ (اعترافاً صريحاً منه – أي الحوفي – بمحاولته إنشاء هذا العلم الوليد). ووصف بعد ذلك الكتاب وصفاً كاشفاً لمحتواه، وأنه كتاب تفسير بالمعنى الصحيح. وعلى كل حال فهو نفسه لم يستطع الجزم بهذا الرأي، وإنما ودَّ لو حدث ذلك!!
وقد تعقبه الدكتور خالد السبت في كتابه وأخبر بأنه قد اطلع على كتاب الحوفي هذا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأنه كتاب تفسير وليس كتاباً في علوم القرآن، وإن كان قد ورد الحديث عن علوم القرآن في ثنايا التفسير مما يشترك معه في ذلك كل كتب التفسير تقريباً. وقد ذكرت الدكتورة ابتسام الصفار في معجم الدراسات القرآنية أن عنوان الكتاب: (البرهان في تفسير القرآن).
وقد سبقه إلى نقد كلام الزرقاني بتفصيل الأستاذ الدكتور عبدالعال سالم مكرم في كتابه النفيس (القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية) ص287 - 289 الذي طبع سنة 1384هـ، حيث قال في آخر مناقشته لكلام الزرقاني: (على أن كتاب الحوفي كما بينت كتاب ككل كتب الإعراب – أي إعراب القرآن - التي سبقته من حيث المنهج والتأليف، فهو يفسر الآية من حيث المعنى، ثم من حيث اللغة، ثم من حيث النحو والإعراب، ثم من حيث القراءات، وكل كتب الإعراب أو كتب المعاني التي سجلتها في هذا البحث على هذا النمط، فلا داعي إذاً للقول بأن الحوفي أول من ألف في علوم القرآن).أهـ.
وقد تكلم الدكتور عبدالعال سالم مكرم حول النسخة رقم 59 تفسير بدار الكتب المصرية، وأثبت أنها نسخة صحيحة لكتاب الحوفي وإن كانت ناقصة الأجزاء، وصحح الخطأ الواقع في المخطوطة رقم 20503 ب والمحفوظة بالدار نفسها، وذكر أنه قد كتب عليها أنها هي (إعراب القرآن البرهان في تفسير القرآن تأليف الإمام أبي الحسن على بن إبراهيم الحوفي المتوفى سنة 430هـ). وأثبت أنها نسخة لكتاب (إعراب القرآن) لأبي جعفر النحاس (ت 338هـ) بعد أن قارن بينها وبين مخطوطة إعراب القرآن للنحاس. ولم أر محقق كتاب إعراب القرآن للنحاس وهو الدكتور زهير غازي زاهد قد أشار إلى هذه النسخة لكتاب إعراب القرآن للنحاس، وقد انتقده في إهمال نسخ عديدة من مخطوطات إعراب القرآن للنحاس الدكتورُ أحمد مختار عمر في بحثه (إعراب القرآن للنحاس – عرض ونقد) والمنشور في (دراسات عربية وإسلامية من ص 81 - 101.
هذه بعض الخواطر الشاردة حول الموضوع أرجو أن يكون فيها إيضاحٌ للمراد، سائلاً الله القدير لأخي الكريم محمد يوسف التوفيق والإخلاص، فإنني ألمس فيه حرصاً صادقاً على العلم، وذهناً ثاقباً في فهمه، جعله الله من العلماء الصادقين، ونفعنا وإياه بالعلم وجميع المسلمين.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 Dec 2003, 12:57 م]ـ
بارك الله تعالى فيك شيخنا الشهري على هذه الفائدة
و أجزل لك المثوبة
و جعلك مستجاب الدعوة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 06:50 م]ـ
ذكر العلامة شهاب الدين النويري في موسوعته الأدبية التاريخية البديعة (نهاية الأرب في فنون الأدب) عند حديثه عن خيل سليمان عليه السلام وما قيل فيها ما يؤكد أن كتاب البرهان للحوفي كتاب تفسير فقال:
(قال الله تعالى: (إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد* فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب *ردوها علي فطفق مسحاً بالسوق والأعناق). قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي في كتاب (البرهان في علوم القرآن) في تفسيره هذه الآية: (الصافن من الخيل الذي يجمع بين يديه).
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[02 Apr 2005, 05:33 م]ـ
أظن ان صديقي الدكتور حازم حيدر قد حقق مسالة التاليف في علوم القران ومتى بدات في رسالته المطبوعة بعنوان علوم القران بين البرهان والاتقان فليرجع اليها من شاء ففيها خير كثير
ـ[أم عاصم]ــــــــ[05 Jul 2005, 01:23 ص]ـ
أظن ان صديقي الدكتور حازم حيدر قد حقق مسالة التاليف في علوم القران ومتى بدات في رسالته المطبوعة بعنوان علوم القران بين البرهان والاتقان فليرجع اليها من شاء ففيها خير كثير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لم يتيسر لي الاطلاع على هذه الرسالة ..
وحسب علمي فإن أول كتاب صنف في علوم القرآن بالمعنى المدون هو:
الحاوي في علوم القرآن لمحمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة: 309هـ.
فهل هذا ما توصل إليه د. حازم حيدر في رسالته؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
¥