تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو علي]ــــــــ[20 Nov 2003, 08:56 ص]ـ

تعالوا لندرس المقدمات والأسباب التي جاء ت برسالة الإسلام.

نجد أن عهد الله قبل الإسلام ناله بنو إسرائيل، تعاقبت فيهم رسل وأنبياء كلهم كانوا يأتون بمعجزات حسية، فإذا أراد الله أن يرسل رسولا بآيات عقلية غير حسية فالحكمة تقتضي أن يعطى العهد لأمة تفهم في الآيات العقلية وعندها إدراك يؤهلها لتحمل المسؤولية.

بنو إسرائيل لا يفهمون إلا في الأمور المادية المحسوسة ومع ذلك لم يلتزموا ولم يصونوا ما اؤتمنوا عليه فكيف يسند إليهم أمر ليسوا أهله!!

هل تذهب بالعجين للميكانيكي ليخبزه لك أم إلى الخباز؟

كذلك كان لا بد أن ينزع العهد من بني إسرائيل ويعطى لأمة تحسن فهم ما تستقبله من الله.

أضرب مثلا ولله المثل الأعلى:

رجل لديه مصنع وعمال وفنيون وآلات تستخدم في إنتاج ما يصنع في هذا المصنع.

رب المصنع هذا اختار نخبة من الناس وأوكل إليهم تسيير وصيانة تلك الآلات اليدوية، وكلما تقادمت تلك الآلات أبدلها بآلات خير من سابقاتها، لكن تلك النخبة المكلفة بصيانة الآلات لم تقدر ثقة صاحب المصنع فيهم حق قدرها فأهملوا صيانة تلك الآلات ولم ينفذوا التعليمات المطلوبة لبقاء الآلات صالحة فتعطلت تلك الآلات.

صاحب المصنع علم بذلك فجاء بآلات أخرى جديدة ولكن هذه المرة ليست آلات ميكانكية وإنما هي آلات إلكترونية آخر ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة،

فما هو التصرف الصائب الحكيم الذي يجب أن يقوم به صاحب المصنع؟

هل يكلف نفس النخبة بصيانة الآلات الإلكترونية؟

كيف يكون ذلك وهي لم تفلح حتى في صيانة الآلات الميكانيكية فكيف نفلح في تسيير الآلات الإلكترونية وهي ليس لديها علم بالتكنولوجيا الحديثة وعلم الإلكترونيات!!؟

إذن من الصواب ومن الحكمة أن يختار صاحب المصنع نخبة أخرى عندها دراية بالتكنووجيا الحديثة، فاختار رجلا يعلم فيه الصدق والأمانة والكفاءة في العلم فسلمه الآلات الجديدة وناوله كاتالوج الآلات وأمره أن يقرأ الكاتالوج ويتبع تعليماته ويعلم إخوته الذين يعملون تحت رئاسته، وأمر كل العمال بمن فيهم النخبة السابقة أن يعملوا تحت إمرة الرئيس الجديد، فمنهم من نفذ الأمر ومنهم من أرسلهم إلى معاهد لتعلم فن الإلكترونيات وعلم التكنولوجيا الحديثة، ومتى أتموا مدة الدراسة والتدريب أذن لهم أن يلتحقوا بأعمالهم من جديد.

تعالوا لنرى هل هذا المثل الذي ضربته يمكن أن نفهم من خلاله مراد الله من رسالة الإسلام.

أما النخبة الأولى التي استؤمنت على صيانة الآلات الميكانيكية فهم بنو إسرائيل.

وأما الآلات الميكانيكية فضربت مثلا للآيات الحسية المادية،

وأما النخبة الجديدة فهم الأميون الذين ورثوا الكتاب والنبوة بعد أن نزعت من بني إسرائيل.

وأما الآلات الإلكترونية التي أوتيها الأميون فهي الآيات العقلية آيات الحكمة،

وأما الذين لا يفقهون إلا الآلات الميكانيكية والذين أرسلهم صاحب المصنع إلى المعاهد لتعلم التكنووجيا فهم أهل الكتاب وكل الناس الذين لا يفقهون إلا الآيات المادية الحسية، فهم الذين قال الله عنهم:

فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)

لو كان عندهم علم بالحكمة لفقهوا الآيات المحكمات ولاستيقنوا أن الإسلام هو الحق، لذلك فتح الله لهم مجالا آخر ليدركوا به حكمة الله ألا وهو العلم الدنيوي الذي به سيكتشف أن الكون بكل جزئياته من تدبير إله عزيز في حكمته، ومتى بلغوا المستوى المطلوب بين الله لهم الآيات.

وأما الكاتالوج الذي ناوله صاحب المصنع إلى المصطفى من رجال المصنع وأمره أن يقرآه ويتبع تعليماته فهو مثلا ضربته للمصطفى من البشر وكتابه القرآن، وأول ما أنزل من القرآن هو قوله تعالى:

إقرأ بسم ربك ....... ).

ما هي معجزة الإسلام؟

هل هي أعظم من معجزة عيسى؟

ما هي وظيفة المعجزة؟

وظيفة المعجزة هي البيان الذي يتحقق منه اليقين.

هل توجد معجزة أكثر بيانا وأعظم يقينا من معجزة إحياء الموتى؟

نعم إذا كانت المعجزة من جنس الحكمة (الرتابة والإتقان ووضع الشيء في موضعه).

أضرب مثلا على ذلك:

خرجت من بيتي ونسيت الباب مفتوحا ولما تذكرت ذلك عدت فوجدت بالداخل عمامة ملقاة على الأرض، قلت ربما دخل أحد إلى منزلي أثناء غيابي فنسي عمامته، لكني ساورني الشك فقلت ربما وجدها الكلب في الطريق فأخذها بأسنانه وأدخلها إلى البيت.

لكني لما اتجهت إلى غرفة الكتب وقد كنت تركت الكتب بالأرض مبعثرة وجدتها قد رتبت وؤضع كل كتاب في خانته وكل نوعية من الكتب رصت لوحدها، هنا أيقنت أن رجلا دخل البيت وهذا الرجل عالم

وليس أمي.

هذا مثل ضربته، فمعجزة إحياء الموتى وإن كانت معجزة عظيمة إلا أن الساحر قد يخيل للناس أنه يحيي الموتى وهو كاذب.

إذن فالمعجزة التي لا يتطرق إليها الشك هي التي من جنس الحكمة والإتقان.

والإسلام جاء بتلك المعجزة: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)

(كتاب أحكمت آياته).

كان من الحكمة أن تكون معجزة الإسلام أعظم من سابقاتها لأن الله ما ينسخ من آية أو ينسها إلا ويأت بخير منها أو مثلها.

ها نحن قد علمنا شيئا من مقدمات الإسلام والتي سندرسها ونستخلص

منها نفس النتائج التي أخبرنا بحدوثها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير