ـ[أبو علي]ــــــــ[20 Nov 2003, 10:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل متابعة الكلام عن آية الإسلام لا بد من العودة إلى التفكر في رسالة
النبي عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
من الحكمة أن تكون طبيعة الرسول الذي يؤتيه الله معجزات عظيمة كإحياء الموتى ... من جنس هذه المعجزات.
إذن فكان من الحكمة أن يولد المسيح بدون أب، وذلك يناسب آية إحياء
الموتى. بل إن آية المسيح في نفسه أعظم من آية إحياء الموتى.
لأن كلمة الله ألقيت إلى أمه دون أن يكون شيئا مذكورا، لم يكن نطفة ثم علقة كأي إنسان ثم ينفخ فيها الروح، نفخت الروح في مريم فصارت إنسانا إسمه عيسى، بينما آية إحياء الموتى التي أوتيها عيسى هي إعادة الروح لجسم كانت فيه قبل ذلك.
فآي الآيتين أعجب؟ آية المسيح في نفسه أم آية إحياء الموتى؟
لا شك أنها آية المسيح في نفسه، فالذي ينكر البعث لو أنه تفكر في نفسه وكيف أنه لم يكن شيئا مذكورا ثم صار إنسانا من جسد وروح، لو تفكر في هذا لما أنكر البعث، ولذلك حينما يوجه الله السؤال للإنسان: أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ فالمؤمن يقول: بلى إن الله قادر على إحياء الموتى. أما الذي عنده شك فيذكره الله بهذا السؤال:
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا؟
كلنا لم نكن شيئا مذكورا، والمسيح عليه السلام هو أكثر من تتجلى فيه (لم يكن شيئا مذكورا) وذلك لطبيعة المهمة التي أسندت إليه.
والحكمة تتطلب أن تتوافق آيته في نفسه (الطريقة التي جاء بها إلى الحياة) مع المعجزة التي أيده الله بها (إحياء الموتى ... ).
آية المسيح في نفسه وآياته التي أيده الله بها: خلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وإحياؤه الموتى بإذن الله ...
كل ذلك يزيل الشك من قلوب الذين لا يؤمنون بالساعة. إذن فالمسيح بآيته في نفسه وآياته التي أوتيها دليل وعلامة على أن الساعة حق،
ولذلك يقول تعالى: وإنه لعلم للساعة أي أن كل من يشكك في الساعة لو تذكر آية المسيح في نفسه والآيات التي أوتيها لعلم أن الساعة حق.
رسالة المسيح عليه السلام بما فيها من بينات هي رسالة لمنكري اليوم الآخر فجاءت لتعطي اليقين أن الله يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
ورسالة الإسلام جاءت لتبين أن الله هو الحق، والحق هو الصواب، ولا يكون الحق حقا إلا إذا وضع في موضعه الذي يجب أن يكون عليه، ولا يضع الشيء في موضعه إلا من له الكمال في الحكمة، وكيف يعلم الإنسان الحق من الباطل والصواب من الخطأ إذا لم يعلمه الله العلم الذي يدرك به أن الله هو الحق، وأنه عزيز حكيم وضع كل شيء في موضعه الذي يجب أن يكون عليه؟
إذن لكي يدرك الإنسان أن الله هو الحق لابد أن يعلمه الله مالم يعلم.
إذا كانت الحكمة تقتضي أن تكون طريقة مجيء المسيح إلى الحياة متناسبة مع طبيعة الآيات التي أوتيها، فكذلك الشأن يكون في رسالة الإسلام، رسالة الإسلام آياتها من جنس الحكمة، إذن فلا بد أن محمدا رسول الله تتجلى الحكمة في الطريقة التي جاء بها إلى الحياة الدنيا.
إنها آية أعجب وأعظم يقينا من آية عيسى في نفسه.
تذكروا جيدا أن الله ما نسخ آية المسيح بآية الإسلام إلا لأن آية الإسلام خير منها في اليقين أو على الأقل مثلها.
فهل سنعلم في الأيام المقبلة تلك الآية؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[20 Nov 2003, 10:46 ص]ـ
قلت إن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.
و قال الله بعد ذلك: كلا إن الإنسان ليطغى .... إلى آخر السورة.
هاهو قول الله (كلا إن الإنسان ليطغى) قد تحقق، فالإنسان الذي أوتي النصيب الأكبر من العلم هو الذي طغى بعد أن رآى نفسه قد استغنى.
هاهو قد جعل الناس شيعا، من ليس معه فهو ضده، يذيق العذاب كل من لم يتبعه بالحرب أو الحصار.
فهل يترك الله الطغاة يفسدون في الأرض؟
كلا. سنة الله لا تتغير منذ خلق الكون، كل الذين طغوا أهلكهم الله,
ولذلك لا بد أن ينزل الله رحمته التي ينجي بها المستضعفين من ظلم الطاغية، وأنسب زمن لتنزيل تلك الرحمة هو شهر الرحمة رمضان،
وأنسب ليلة من رمضان ينزل الله فيها تلك الرحمة هي ليلة القدر، لتكون آية للمؤمنين، فهم المستضعفون المعنيون بتلك الرحمة.
قال الله بعد سورة العلق: بسم الله الرحمن الرحيم: إنا أنزلناه في ليلة القدر .... ).
نحن المسلمون نعلم أن ما أنزله الله في ليلة القدر هو القرآن، لكن الله
يجعل الضمير في (أنزلناه) يعني أية رحمة، أي خير، فإذا كان الضمير (ه) يعني القرآن الذي أنزل قبل 1400 سنة، فماذا عساه أن يكون في هذه المناسبة؟
لنعد إلى القرآن نفسه لنرى ماذا يمكن ينزل الله من رحمات أخرى في لي ليلة القدر.
قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
يتبين لنا في الآية عطف بالواو مما يعني أن شهر رمضان أنزل فيه:
1) القرآن هدى للناس.
و
2) بينات من الهدى والفرقان.
وبهذا نعلم أن الرحمة التي سينزلها لينصر الله به عباده المؤمنين هي بيان الهدى، وعندنا شواهد من القرآن أن الله لا يهلك الطغاة إلا بعدما يبين الله لهم آياته لعلهم يذكروا أو يخشوا. ففرعون أراه الله الآية الكبرى وثمود وغيرهم، كذلك فإن طاغية هذا الزمان لم تستيقن نفسه
أن الإسلام حق وأن محمدا رسول الله، إذن فلا يهلكه الله بعذاب من عنده حتى يريه ويبين الله له آياته فيستيقن أن الإسلام وأن محمد رسول الله، فإن آمن آمنه الله من خوف، وإن جحدها ظلما بعدما استيقنتها نفسه فاعلموا أن هلاكه بات متوقعا.
ولقد جاءت بعد سورة القدر سورة تسمى سورة البينة مما يعني أن الضمير في (أنزلناه) هو البينة (بينات من الهدى والفرقان) وهي سورة تقص علينا ما سيكون من أخبارهم بعد أن تأتيهم البينة،
سيتفرق أهل الكتاب والمشركون إلى فريق مؤمن و فريق جاحد
¥