ـ[عمر الدهيشي]ــــــــ[27 Nov 2006, 10:47 ص]ـ
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في سياق بيان القرآن لكل شيء ((فما من شيء يحتاج الناس إليه إلا وجد في القرآن، لكن وجوده في القرآن: إما أن يكون على وجه صريح، أو على وجه ظاهر، أو على وجه الإيماء والإشارة، أو على وجه الشمول والعموم، أو على وجه اللزوم، فالمهم أن االقرآن مبين لكل شيء، تارة يذكر الدليل على المسألة، وتارة يذكر التوجيه إلى الدليل ... أما ما ليس فيه مصلحة فإنه لا حاجة إلى ذكره، وقد يكون الشيء الذي لم يذكر موكولاً إلى عقول الناس وتجاربهم، كما في كثير من طبائع الأشياء الأمور الطبيعية سواء الفلكية أو الجولوجية أو غير ذلك، نجد أن القرآن لم يفصلها ولم يبينها، لأنه ليس فيها فائدة، فائدتها تكمن في أن الناس يطلبونها وينظرون في آيات الله، ويتحركون حتى يدركوها، ولهذا تجد بعض المسائل التي يتنازع فيها الناس كمسألة دوران الأرض ليست موجودة في القرآن على وجه صريح، ولو كان هذا مما يتعين علينا اعتقاده إثباتاً أو نفياً لكان الله تعالى يبينه بياناً واضحاً كما بين الأمور التي لا بد لنا من الاعتقاد فيها على وجه صريح، إذا هي موكولة إلى للناس .. )) تفسير سورة يس (250 - 252) بتصرف.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Dec 2006, 02:31 ص]ـ
الأخ عمر وفقه الله
كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله واضح في أن القرآن مشتمل لما يحتاجه الناس وهو متفق مع ما نقل من كلام الأئمة السابقين في النصوص التي نُقلت في بداية المشاركة، ولذا يقول رحمه الله: (فما من شيء يحتاج الناس إليه إلا وجد في القرآن ... ).
وحديثه رحمه الله أيضاً يشمل الإحالة إلى الأدلة الأخرى، ولكن لا يمكن القول باستقلال القرآن بالدلالة على الأحكام مباشرة بلا رجوع لغيره من الأدلة، فلا يستغنى به عن السنة مثلاً .. بل يجب الرجوع إلى السنة كما يجب الرجوع إلى القرآن فهما صنوان في الدلالة على الأحكام ..
والله أعلم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[03 Dec 2006, 06:08 ص]ـ
السلام عليكم
أرغب بأن أضيف إضافة وهي أنّ للأصوليين والفقهاء رأيا في المسألة--مفاده القرآن بيان لكلّ شيء من الأحكام الإعتقادية والعمليّة إمّا نصّا أو دلالة
قال الجصّاص في أحكام القرآن في تفسيره لآية ({وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} النحل89)
(قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ}؛ يعني به والله أعلم: تبيان كل شيء من أمور الدين بالنصّ والدلالة؛ فما من حادثة جليلة ولا دقيقة إلا ولله فيها حكم قد بيّنه في الكتاب نصّاً أو دليلاً، فما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم فإنما صدر عن الكتاب بقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7]، وقوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله} [الشورى: 52 و 53]، وقوله: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80]؛ فما بيّنه الرسول فهو عن الله عز وجل وهو من تِبيان الكتاب له لأمر الله إيانا بطاعته واتباع أمره، وما حصل عليه الإجماعُ فمصدره أيضاً عن الكتاب لأن الكتاب قد دلّ على صحة حجة الإجماع وأنهم لا يجتمعون على ضلال، وما أوجبه القياس واجتهاد الرأي وسائر ضروب الاستدلال من الاستحسان وقبول خبر الواحد جميع ذلك من تِبْيانِ الكتاب؛ لأنه قد دلّ على ذلك أجمع، فما من حكم من أحكام الدين إلا وفي الكتاب تبيانه من الوجوه التي ذكرنا.
مطلب: هذه الآية دالّة على صحة القول بالقياس
وهذه الآية دالّةٌ على صحة القول بالقياس؛ وذلك لأنّا إذا لم نجد للحادثة حُكْماً منصوصاً في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع، وقد أخبر الله تعالى أن في الكتاب تبيان كل شيء من أمور الدين، ثبت أن طريقه النظر والاستدلال بالقياس على حكمه، إذ لم يبق هناك وَجْهٌ يوصل إلى حكمها من غير هذه الجهة؛ ومن قال بنصٍّ خفيّ أو بالاستدلال فإنما خالف في العبارة وهو موافق في المعنى ولا ينفكُّ من استعمال اجتهاد الرأي والنظر والقياس من حيث لا يشعر.)
لذلك من المناسب أن نعود للأصوليين والفقهاء في فهمهم للمسألة