تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و لهذا قال ابن مسعود في الآية - كما نقلت آنفا -: (يوم بدر (دون العذاب الأكبر) يوم القيامة (لعلهم يرجعون): لعل من بقي منهم أن يتوب فيرجع).

و ذلك رفعا للتعارض بين معنى يرجعون و تأويل العذاب الأدنى بالقتل يوم بدر.

و هكذا قال أهل التاويل.

و بخصوص من فسره بعذاب القبر فهو منبني على أمرين:

الأول: أنه مأثور عن بعض السلف،و الثاني: كون الآية تحتمله.

فأما الأول: فلم يثبت كما قد بينت.

و أما الثاني: فهو محل تجاذب و نزاع، و الأظهر أنه غير مراد، فليس هو العذاب الأدنى و لا بعض العذاب الأدنى، لعدم التناسب؛ و لأن التعليل المذكور في قوله (لعلهم يرجعون) لا يتحقق إذا جعلنا معناها عذاب القبر، و لهذا لجأ من لجأ إلى تأويل آخرها بقوله (أي لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه كقوله: (فارجعنا نعمل صالحاً) وسميت إرادة الرجوع رجوعا كما سميت إرادة القيام قياما في قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة)).

و ها هنا تنبيه مهم: و هو أنه كثيرا ما نقرأ في كتب التفسير و معاني القرآن و غريبه للفظ القرآني أو الجملة القرآنية معاني متعددة، قد لا يكون بينها تضاد في الجملة - و هو الغالب -، لكن إذا حققنا النظر وجدنا أن بعض ما ادعي فيه أنه لا تضاد أو أنه وجه من الأوجه المحتملة في تفسير الآية = ليس وجها محتملا، و أن السياق لا يناسبه.

و للتحقق من ذلك لا بد من النظر في القواعد و القرائن المعينة على تعيين المعنى و تصحيحه أو نفيه.و منها:

أولا: التحقق من نسبة ذلك القول أو المعنى الإجمالي إلى السلف،أو بعضهم، و هل النسبة صحيحة أم لا؟

ثانيا: هل هذا المعنى يحتمله اللفظ القرآني من جهة اللغة؟

ثالثا: هل مناسبة المعنى للسياق متحققة، أم متعسف في تحقيقها؟

و لعلي أسوق أمثلة في وقت لاحق - إن شاء الله - و الله تعالى أعلم.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 May 2004, 06:21 ص]ـ

قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح:

(وقد احتج بهذه الآية جماعة - منهم عبد الله بن عباس- على عذاب القبر؛ وفي الاحتجاج بها شيء؛ لأن هذا عذاب في الدنيا يستدعى به رجوعهم عن الكفر.)

ثم قال رحمه الله: (ولم يكن هذا ما يخفي على حبر الأمة وترجمان القرآن، لكن من فقهه في القرآن ودقة فهمه فيه فهم منها عذاب القبر؛ فإنه سبحانه أخبر أن لهم عذابين: أدنى وأكبر، فأخبر أنه يذيقهم بعض الأدنى ليرجعوا فدل على أنه بقى لهم من الأدنى بقية يعذبون بها بعد عذاب الدنيا؛ ولهذا قال: " من العذاب الأدنى" ولم يقل ولنذيقنهم العذاب الأدنى فتأمله.

وهذا نظير قول النبي فيفتح له طاقة إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ولم يقل فيأتيه حرها وسمومها فإن الذى وصل إليه بعض ذلك وبقى له أكثره والذى ذاقه أعداء الله في الدنيا بعض العذاب وبقى لهم ما هو أعظم منه.) انتهى

ـ[أبو تيمية]ــــــــ[20 May 2004, 01:34 م]ـ

أخي الفاضل أبا مجاهد وفقه الله

بارك الله فيكم

لكن ما ذكرتموه منقول أعلاه في بحثي و قد علقت عليه، فانظر رقم 19.

و الله ينفعني و إياكم بالعلم النافع و يرزقنا العمل به. آمين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير