ـ[محب]ــــــــ[04 Jun 2009, 09:46 م]ـ
جزاكم الله خيرًا. والحق حق ولو خالفه من خالفه.
ولعل سبب الاضطراب الذي أشرتم إليه، أو أحد أسبابه: اختلاف التنظير عن التطبيق .. فقد يقول أحدهم بالصرفة نظريًا، لكن إذا كان في مقام التطبيق تنبهر عيناه بنور القرآن، فلا يرى أمامه إلا البهاء والجلال، ولا يسيل من قلمه إلا ما يعبر عما يراه.
والحال في هذا كحال من ينكر الحكمة والتعليل في مقام التنظير، ثم إذا كان في مقام الكلام على الأحكام الشرعية، لا يعود يرى إلا الحكمة الباهرة من وراء كل حكم وتشريع، فلا يصدر عن قلمه إلا ما ملك حسه.
والله أعلم.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[05 Jun 2009, 02:06 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، فمشاركاتكم على جانبٍ من الأهمّية، ولي تعقيب على مشاركة أخي أبي مجاهد حفظه الله ..
إذ لا بدّ من بيان أن ما وقع به التحدّي من دون سائر الوجوه المذكورة من علميٍّ وتشريعي وإخبارٍ بالغيب ... أقول: ما وقع به التحدّي هو الجانب البلاغيّ في القرآن من دون سائر الوجوه، ولذلك نرى العلماء والدارسين يُطبقون على تسمية هذا النوع بالإعجاز.
ثم إننا إذا تجاوزنا هذا الجانب فإننا نرى الباحثين والعلماء على طريقين:
الأول: وهم الأكثر، الذين يسمّون سائر الوجوه وجوهاً معجزة كذلك، ولا يشترطون لتسمية هذا الخارق: معجرةً أن يكون قد وقع به التحدّي.
ولذلك سمّوا كلّ الخوارق التي جرت على يدي النبي صلى الله عليه وسلّم: معجزات، مثل "معجزة الإسراء والمعراج"، معجزة "نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلّم"، وغير ذلك من الخوارق التي جرت على يديه صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذه الطريق سمَّوا هذه الوجوه معجزة، من غير ارتباطٍ بكونها متحدىً
بها أو لا.
الثاني: نفرٌ من أهل العلم لم يسمّوا هذه الوجوه جميعاً معجزات، لكونها لم يقع بها التحدّي.
وهؤلاء سمّوا هذه الوجوه - باستثناء الوجه البلاغي -: دلائل ربانيّةِ القرآن أو ما أشبه، ومن هؤلاء الدكتور صلاح الخالدي - حفظه الله وحفظكم - الذي صنّف كتابه في الإعجاز بعنوان: "إعجاز القرآن البياني، ودلائل مصدره الرباني".
وفيه - كما يبدو من العنوان - فرّق بين البلاغة القرآنية المعجزة، بالنظر إلى أنها قد وقع بها التحدي، وبين سائر الوجوه الخارقة للعادة؛ فسمّاها: دلائل ربانية القرآن، باعتبار أن التحدّي لم يقترن بها إلّا أنها دالّة بما فيها من خرقٍ للعادة على مصدر القرآن الإلهي.
وعليه؛ فالخلاف - كما يظهر - بين الفريقين خلافٌ اصطلاحيّ.
إلّا أنه لا بدّ من بيان مسألة تتعلّق بـ"الإعجاز التشريعي" - إن صحّ التعبير -.
فمَكْمَنُ الإعجاز فيه ليس قطع اليد أو الرجم أو الجلد أو ما أشبه، بل الإعجاز فيه بمجموع هذا التشريع الذي يرقى ليعالج الوضع البشريّ الأرضيّ، ويخفّف وطأة باطله، وما يمكن أن تؤول إليه حالته بعيداً عن روح هذه الشريعة.
ومن يُخاطَب بهذا النوع من "الإعجاز" هم المعنيّون بالقوانين، والمختصّون بالعلوم الحقوقيّة الذين يُدركون جودة هذه الشريعة المتكاملة، ومناسبتها لحياة البشر، وعدم وجود شريعة أخرى بكمالها.
وليس هذا مختصّاً بالإعجاز التشريعي فقط، بل وجه الإعجاز الأوّل، وهو "البلاغة"إنما يُخاطب به من يعرفُ لغة العرب ويجيدها، وإلّا فكم سمعنا ممن استعجمت ألسنتهم كما استعجمت عقولهم التساؤل عن الإعجاز البلاغي في هذه السورة أو تلك؟؟
وكذلك القول في سائر أنواع الإعجاز، والله أعلم.