تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم قال مرجحاً: (قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية قول من قال: تأويلها: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى , فكذلك فخافوا في النساء , فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيه منهن من واحدة إلى الأربع , فإن خفتم الجور في الواحدة أيضا فلا تنكحوها , ولكن عليكم بما ملكت أيمانكم , فإنه أحرى أن لا تجوروا عليهن. وإنما قلنا: إن ذلك أولى بتأويل الآية , لأن الله جل ثناؤه افتتح الآية التي قبلها بالنهي عن أكل أموال اليتامى بغير حقها , وخلطها بغيرها من الأموال , فقال تعالى ذكره: {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا}. ثم أعلمهم أنهم إن اتقوا الله في ذلك فتحرجوا فيه , فالواجب عليهم من اتقاء الله , والتحرج في أمر النساء مثل الذي عليهم ظن التحرج في أمر اليتامى , وأعلمهم كيف التخلص لهم من الجور فيهن , كما عرفهم المخلص من الجور في أموال اليتامى , فقال: انكحوا إن أمنتم الجور في النساء على أنفسكم , ما أبحت لكم منهن وحللته , مثنى وثلاث ورباع , فإن خفتم أيضا الجور على أنفسكم في أمر الواحدة بأن تقدروا على إنصافها , فلا تنكحوها , ولكن تسروا من المماليك , فإنكم أحرى أن لا تجوروا عليهن , لأنهن أملاككم وأموالكم , ولا يلزمكم لهن من الحقوق كالذي يلزمكم للحرائر , فيكون ذلك أقرب لكم إلى السلامة من الإثم والجور , ففي الكلام إذ كان المعنى ما قلنا , متروك استغني بدلالة ما ظهر من الكلام عن ذكره. وذلك أن معنى الكلام: وإن خفتم ألا تقسطوا في أموال اليتامى فتعدلوا فيها , فكذلك فخافوا ألا تقسطوا في حقوق النساء التي أوجبها الله عليكم , فلا تتزوجوا منهن إلا ما أمنتم معه الجور , مثنى وثلاث ورباع , وإن خفتم أيضا في ذلك فواحدة , وإن خفتم في الواحدة فما ملكت أيمانكم فترك ذكر قوله فكذلك فخافوا أن تقسطوا في حقوق النساء بدلالة ما ظهر من قوله تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم}. فإن قال قائل: فأين جواب قوله: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى}؟ قيل: قوله: {فانكحوا ما طاب لكم} غير أن المعنى الذي يدل على أن المراد بذلك ما قلنا: قوله: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا}.)

أقول: ترجيح ابن جرير هنا مخالف لما ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها في بيان سبب نزول الآية، وقد ذكر هو الروايات عن عائشة في أول تفسيره للآية بقوله:

(حدثنا ابن حميد , قال: ثنا ابن المبارك , عن معمر , عن الزهري , عن عروة , عن عائشة: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} فقالت: يا ابن أختي , هي اليتيمة تكون في حجر وليها , فيرغب في مالها وجمالها , ويريد أن ينكحها بأدنى من سنة صداقها , فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق , وأمروا أن ينكحوا ما سواهن من النساء.

حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: أخبرني يونس بن يزيد , عن ابن شهاب , قال: أخبرني عروة بن الزبير , أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , عن قول الله تبارك وتعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها , تشاركه في ماله , فيعجبه مالها وجمالها , فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها , فيعطيها مثل ما يعطيها غيره , فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن , ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق , وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.

قال يونس بن يزيد: قال ربيعة في قول الله: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} قال: يقول: اتركوهن فقد أحللت لكم أربعا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير