حدثنا الحسن بن الجنيد وأبو سعيد بن مسلمة , قالا: أنبأنا إسماعيل بن أمية , عن ابن شهاب , عن عروة , قال: سألت عائشة أم المؤمنين , فقلت: يا أم المؤمنين أرأيت قول الله: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء}؟ قالت: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها , فيرغب في جمالها ومالها , ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداق نسائها , فنهوا عن ذلك أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا فيكملوا لهن الصداق , ثم أمروا أن ينكحوا سواهن من النساء إن لم يكملوا لهن الصداق .....
- حدثنا القاسم , قال: ثنا الحسين , قال: ثني حجاج , عن ابن جريج , عن هشام , عن أبيه , عن عائشة , قالت: نزل , يعني قوله: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى}. .. الآية , في اليتيمة تكون عند الرجل , وهي ذات مال , فلعله ينكحها لمالها , وهي لا تعجبه , ثم يضر بها , ويسيء صحبتها , فوعظ في ذلك.
قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويل جواب قوله: {وإن خفتم ألا تقسطوا} قوله: {فانكحوا}) انتهى باختصار
وهذا التفسير الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها لا شك أنه أقوى لأسباب:
الأول: أنه يعتبرفي حكم سبب نزول الآية.
الثاني: أنه تفسير في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.قال ابن عاشور: (وعائشة لم تسند هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن سياق كلامهايؤذن بأنّه عن توقيف، ولذلك أخرجه البخاري في باب تفسير سورة النساء بسياق الأحاديث المرفوعة اعتداداً بأنها ما قالت ذلكإلاّ عن معاينة حال النزول.)
الثالث: أنه موافق لظاهر الآية، ولا تحتاج الآية معه إلى تقدير.قال ابن عاشور: (وكلامها هذا أحسن تفسير لهذه الآية.)
قال الشنقيطي رحمه الله: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ لا يخفى ما يسبق إلى الذهن في هذه الآية الكريمة من عدم ظهور وجه الربط بين هذا الشرط، وهذا الجزاء، وعليه، ففي الآية نوع إجمال، والمعنى كما قالت أم المؤمنين، عائشة رضي اللَّه عنها: أنه كان الرجل تكون عنده اليتيمة في حجره، فإن كانت جميلة، تزوجها من غير أن يقسط في صداقها، وإن كانت دميمة رغب عن نكاحها وعضلها أن تنكح غيره؛ لئلا يشاركه في مالها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا إليهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن، أي: كما أنه يرغب عن نكاحها إن كانت قليلة المال، والجمال، فلا يحل له أن يتزوجها إن كانت ذات مال وجمال إلا بالإقساط إليها، والقيام بحقوقها كاملة غير منقوصة، وهذا المعنى الذي ذهبت إليه أم المؤمنين، عائشة، رضي اللَّه عنها، يبيّنه ويشهد له قوله تعالى?: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النّسَاء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الْكِتا?بِ فِى يَتَامَى النّسَاءللا ?تِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا}، وقالت رضي اللَّه عنها: إن المراد بما يتلى عليكم في الكتاب هو قوله تعالى?: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ?لْيَتَـ?مَى?}، فتبين أنها يتامى النساء بدليل تصريحه بذلك في قوله: {فِى يَتَـ?مَى ?لنّسَاء ?لَّلَـ?تِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ}، فظهر من هذا أن المعنى وإن خفتم ألا تقسطوا في زواج اليتيمات فدعوهن، وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن، وجواب الشرط دليل واضح على ذلك؛ لأن الربط بين الشرط والجزاء يقتضيه، وهذا هو أظهر الأقوال؛ لدلالة القرءَان عليه).
وقد اقتصر ابن كثير رحمه الله في تفسيره على ما ذكرته عائشة رضي الله عنها.
وبهذا نعلم أن ابن جرير رحمه الله قدم دلالة السياق - كما فهمها هو - على دلائل هي في الحقيقة أقوى من دلالة السياق، ورجح ما رجحه بناء على ذلك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Jan 2004, 01:28 م]ـ
قال الشيخ السعدي في تفسير الآية:
(أي: وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت حجوركم وولايتكم وخفتم أن لا تقوموا بحقهن لعدم محبتكم إياهن، فاعدلوا إلى غيرهن، وانكحوا {مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء})
ـ[أبو العالية]ــــــــ[04 May 2010, 04:05 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
مناقشة سديدة يا أبا مجاهد جزاك الله خيراً
وكذا الإمام الباقلاني رحمه الله في "الانتصار" تكلف تأويلات للآية، وبعضها بعيد جداً، ولو علم بالحديث لكفاه تكلفه تلك الوجوه التي تزيد على الخمس.
والحديث مما أشكل على عروة رحمه الله فسأل الصديقة عائشة رضي الله عنها، فأبانت له وجه الإشكال في ثمة مواضع في "صحيح البخاري" في (2494) وانظر فيه بقية أطرافه.
وكان أحرى بمن حقق الكتاب أن يشير لذلك، ولكن فاته كما فاته غيره، والله المستعان
نفع الله بك يا أبا مجاهد وجزاك الله خيراً وقد أفدت منك في هذا لا حرمنا خيرك في معرفة قول ابن جرير رحمه الله
¥