تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والألوسي كذلك؛ فقد قال بعد ذكره للقول الثاني: (وهو مع مخالفته للمأثور محتاج لتقدير القول، أي: قالت الملائكة للوط عليهم السلام:» لَعَمْرُكَ «الخ، وهو خلاف الأصل، وإن كان سياق القصة شاهداً له وقرينة عليه.) ([13])

النتيجة:

من خلال النقول السابقة عن المفسرين يتبين رجحان القول الذي رجحه ابن القيم لاتفاق أهل التفسير المتقدمين عليه ([14])، ولأنه قول موافق لظاهر الآية؛ فلا تحتاج معه إلى تقدير.

ومما يرجح هذا القول أيضاً: أن القسم فيه من الله تعالى، وله سبحانه أن يقسم بما شاء. وأما على القول الآخر؛ فيكون القسم من الملائكة بغير الله، وهذا من القسم الممنوع. ([15])

وإذا تقرر هذا؛ فإنه لا يعتد بالقول المخالف للإجماع. ([16])

تنبيهات وفوائد:

التنبيه الأول: نوع الخلاف وثمرته:

الخلاف السابق يرجع إلى قولين يحتملهما اللفظ، وهما متغايران، ولا يمكن حمل الآية عليهما معاً.

وثمرته: على القول المعتمد يكون في الآية تشريف عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ أقسم الله تعالى بحياته، وخصه بذلك دون سائر الأنبياء عليهم السلام.

وعلى القول الآخر، يكون القسم من الملائكة بحياة نبي الله لوط عليه السلام، وفي هذا ما فيه.

التنبيه الثاني: سبب الخلاف:

سبب الخلاف في هذه المسألة سببه: اعتبار بعض المفسرين قرينة السياق، وتقديمها على المأثور عن السلف في تفسير الآية.

ولعل من أسباب الخلاف هنا: الاختلاف العقدي؛ فأول من رأيته ذكر القول الثاني: الزمخشري، ثم تبعه على ذلك بعض المفسرين. ومعلوم أن هذا القول يناسب معتقد المعتزلة في صفة الكلام. وقد نبّه ابن القيم على هذا السبب في كلامه السابق.

التعليقات والحواشي السفلية:


([1]) انظر تفسيره الكشاف 2/ 317 - 318، وقد ذكر قول السلف بعد ذكره لهذا القول.

([2]) أخرجه بلفظ أطول من هذا ابن جرير 14/ 91 - 90 من طريقين. وقد حسن إسناده محققو تفسير ابن كثير 8/ 269 طبعة مكتبة أولاد الشيخ.

([3]) التبيان في أقسام القرآن 428 - 429، وبدائع التفسير 3/ 27.

([4]) انظر جامع البيان 14/ 91 - 92.

([5]) انظر المحرر الوجيز 8/ 338.

([6]) انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 1963.

([7]) انظر التحرير والتنوير 14/ 67 - 68.

([8]) انظر التفسير الكبير 19/ 161.

([9]) انظر البحر المحيط 6/ 489 - 490.

([10]) أحكام القرآن 3/ 105 باختصار.

([11]) انظر الجامع لأحكام القرآن 10/ 39 - 40.

([12]) الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي 3/ 404.

([13]) روح المعاني 14/ 72.

([14]) ممن ذكر الاتفاق إضافة إلى من سبق ذكره في الدراسة: القاضي عياض، فقد قال: (اتفق أهل التفسير في هذا أنَّهُ قَسَمٌ من الله جل جلاله بمدة حياة محمد r ..) كما في كتابه الشفا 1/ 41.

([15]) على أن في كون هذا اللفظ من صيغ القسم الشرعي خلافاً. وقد بسطه الشيخ حماد الأنصاري في بحث مستقل نشر في مجلة الجامعة الإسلامية – العدد الثاني – 1394 هـ ص 37 - 61. ورجح أن القسم بهذه الصيغة ليس قسماً شرعياً، وإنما قسم لغوي.

([16]) انظر تفصيل ذلك في كتاب الإجماع في التفسير للدكتور محمد الخضيري ص329 - 332.

ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:18 م]ـ
الذي يظهر من خلال هذا النقل والبحث الذي ذكرت أن في المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المقسم به هو محمد صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: أن المقسم به هو لوط عليه السلام، والمقسم - بالكسر - هو الله عز وجل.
القول الثالث: أن المقسم به هو لوط، وأن المقسم - بالكسر - هم الملائكة.
فما الذي دعاك لإخراج القوال الثاني، وهو الذي يسانده سياق الآية، وظاهر اللفظ.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:41 م]ـ
الخطاب من أول السورة إلى آخرها موجه للنبي صلى الله عليه وسلم

ولم نر أن الله قد وجه الخطاب إلى لوط في القصة وإنما يقص على نبيه ما جرى له مع قومه بصيغ الفعل الماضي: قال ... قالوا .... قال ... بينما الآية: تتحدث عن أناس لا يزالون في سكرتهم ,وإذا كان يصح أن الضمير في الآية يعود إلى قوم لوط وفيه لفتة إلى المدى الذي بلغوه من الانحراف ففيه تعريض بقريش وما هم فيه من سكرة الباطل الذي يغطي قلوبهم وعقولهم.

ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:57 م]ـ
إنما قصدت استبعاد القول الثالث عند ذكر الأقوال في المسألة، وإلا فإن الراجح هو كما قال الباحث أن المقسم به هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمعول عليه في ذلك هو إجماع المفسرين أو لنقل جمهور المفسرين على الأصح.
أما الخطاب فتوجه في ثنايا السورة الكريمة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وإلى غيره كما في قصة إبليس (مالك .. فإنك رجيم .. وإن عليك .. )
وفي نفس القصة كان الخطاب من الملائكة متوجها إلى لوط (قالوا بل جئناك .. وأتيناك .. )
ولكن يستبعد قسم الملائكة بحياة لوط للأدلة المعروفة في القسم بغير الله تعالى.
فيبقى القولان الآخران: قسم الله تعالى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقسمه تعالى بلوط.
والأرجح هو الأول لما تقدم.
والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير