تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد القصير]ــــــــ[13 Jan 2004, 09:58 م]ـ

أشكر مشايخنا الأفاضل على مداخلاتهم، وأخص بالشكر أستاذنا الفاضل الدكتور مساعد الطيار.

وأحب أن أنبه أن ما أريده في هذا النقاش هو الوصول للحقيقة لا التعصب لرأيي، وما وصلت إليه من نتيجة في هذا البحث هو رأيي القاصر، والله المستعان.

شيخنا الكريم الدكتور مساعد:

ما ذكرته من أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى هو: مسجد قباء، والمسجد النبوي، وأن كلاهما مراد الآية، هو مذهب الجمهور من العلماء، لكن يشكل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل حينما سأل عن ذلك بأن كلاهما قد أسس على التقوى، خصوصا وأن المقام مقام تبيين، ذلك أنه تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو مسجدي هذا.

وعليه فإن القول بأن كلاهما قد أسس على التقوى فيه مصادمة للنص كما لايخفى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن قباء: وفي ذاك خير كثير، وهذا من أوضح الأدلة على أن مسجد قباء ليس هو المؤسس على التقوى، والقول بأن كلاهما أسس على التقوى هو كالاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم؟!!

وأما قولك: بأن السياق واضح بأن مراد الآية هو مسجد قباء، واستدللت على ذلك بالحديث عن مسجد الضرار.

أقول: ليس في السياق ما يفيد ذلك وهاك الدليل على ذلك:

1 - أن قوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} ليس المراد به: من أول أيام قدوم النبي صلى الله عليه وسلم لدار الهجرة، بل المراد من أول أيام تأسيس المسجد، والمعنى أنه أسس أول ما أسس على التقوى، لا على الكفر والضرار، يدل على هذا المعنى أن هذه الآية وردت في مقابل الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 107] فمسجد الضرار أسس أول ما أسس على الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين، لذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بإحراقه وهدمه؛ لأن بناءه لم يكن على أساس من التقوى والرضوان، وأما المسجد النبوي فأسس أول ما أسس على تقوى من الله ورضوان، ويؤيد هذا المعنى أيضا قوله في الآية التي بعدها: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109] فهذه الآية صريحة بأن المراد من أول أيام تأسيس المسجد، وأنه أسس أول ما أسس على التقوى.

2 _ ومما يؤكد أن المراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قوله في الآية: {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} حيث أمر الله تعالى نبيه بالقيام فيه، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدم القيام بمسجد قباء، وإنما كان يزوره ويصلي فيه في الأسبوع مرة واحدة، والذي كان يداوم على الصلاة فيه هو مسجده الذي في جوف المدينة، وما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف أمر الله تعالى فيترك مسجد قباء، وقد أُمِرَ بالقيام فيه، وإنما أمر بالقيام في مسجده، والذي هو مراد الآية.

ولست بدعاً فيما ذهبت إليه من تضعيف الروايات الواردة في سبب نزول الآية والتي فيها التنصيص على مسجد قباء، فقد سبقني إلى ذلك الشوكاني في تفسيره حيث قال: «ولا يخفاك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عين هذا المسجد الذي أسس على التقوى، وجزم بأنه مسجده، كما قدمنا من الأحاديث الصحيحة، فلا يقاوم ذلك قول فرد من الصحابة ولا جماعة منهم ولا غيرهم، ولا يصح لإيراده في مقابلة ما قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فائدة في إيراد ما ورد في فضل الصلاة في مسجد قباء؛ فإن ذلك لا يستلزم كونه المسجد الذي أسس على التقوى، على أن ما ورد في فضائل مسجده صلى الله عليه وسلم أكثر مما ورد في فضل مسجد قباء بلا شك ولا شبهة تعم».أهـ

وأجاب عن سبب نزول الآية «بأن بعض طرقه فيها ضعف، وبعضها ليس فيه تعيين مسجد قباء، وبعضها لا تصريح فيه بأن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء، وإذ الأمر كذلك فإن هذه الأحاديث الواردة في سبب نزول الآية لا تقاوم الأحاديث الصحيحة الصريحة بأن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم».

ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[14 Jan 2004, 12:18 ص]ـ

الشيخ أحمد جزاك الله خيرا على طلبك الحق ورغبتك فيه، وعنايتك بإشكالات إخوانك

الخلاف يدور حول نقطة واحدة:

1 - هل صح الأثر بنزول الآية في أهل قباء أم لا

إذ الجواب يفصل النزاع بلا ريب،

فلو سلمنا بعدم صحة الأثر لقلنا بحديث أبي سعيد في مسلم بلا تردد دون حاجة إلى التفصيل في ترجيح هذا القول من ألفاظ الآية وأحسبك تظن بنا ذلك

ولو سلمت أنت بصحة الأثر في نزولها في أهل قباء لجهدت في الجمع بينها وبين حديث أبي سعيد على وجه لا يلغي مدلول أحدهما فالجمع أولى من الترجيح عند إمكانه كما هو متقرر في علم الأصول

فانتقالنا إلى مسألة الجمع تجاوز لمحل الخلف، ونقد من جمع بأنه يستدرك على الرسول صلى الله عليه وسلم لا معنى له، إذ المقصود إعمال النصوص كلها، وعدم إلغاء بعضها

فالشوكاني والقرطبي رحمهم الله تعالى ومن قال بأنه مسجد المدينة لم يصح عندهم الحديث في أن سبب نزول الآية في أهل قباء، فلم يتكلفوا الجمع،

والجمهور ومن تابعهم كالحافظ بن حجر وابن القيم وابن تيمية وابن كثير والألباني رحمهم الله صح عندهم الحديث في أهل قباء فجمعوا،

ولذا فإن بحث المسألة من جهة الرواية هو المخلص إلى اتفاق أو افتراق

فحديث أبي سعيد جاوز قنطرة البحث بكونه في صحيح مسلم

ولا زال لنا معك مداولات في أحاديث أهل قباء، وأصدقك القول أن نفسي لم تطب بتضعيف أحاديثها.

وجزاك الله خيرا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير