وأما الشاهد الرابع والخامس فلا يصلحان أيضا للاعتبار والشواهد، لأن شهر بن حوشب الراوي لهما له مناكير في روايته، وفي حفظه ضعف، فيخشى أن تكون لفظة «قباء» مدرجة منه، وأنا لم أطرح جميع الروايات لكني أشكك في ثبوت لفظة «قباء» في روايات الحديث.
قولك: إن الصناعة الحديثية تقتضي تحسين أحاديث بأقل من تلك الطرق التي أوردتها في البحث، وضعف أكثرها ليس قويا إن لم يكن حسنا برأسه. كيف وأكثر الشواهد قد نصت على أهل قباء.
أقول: الشواهد التي نصت على مسجد قباء ضعيفة جدا، بخلاف بقية الشواهد التي لم يذكر فيها قباء، حيث صححها بعض العلماء، والقول بتقوية الحديث بكثرة طرقه ليس على إطلاقه، وقد نبّه على ذلك غير واحد من علماء الحديث المحققين، منهم الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته،حيث قال: «لعل الباحث الفهم يقول: إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها، مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة .... ، فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن؛ لأن بعض ذلك عضد بعضاً، كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفاً؟
وجواب ذلك: أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت، فمنه ما يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئاً من ضعف حفظ راويه، ولم يختل فيه ضبطه له .... ، ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته، وذلك كالضعيف الذي ينشأ من كون الراوي متهماً بالكذب، أو كون الحديث شاذاً، وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة».أهـ
وقولك: أن الأحاديث التي فيها ذكر نزولها في الأنصار تصلح شواهد أيضا لها، فبعض الرواة يذكر الوصف العام (الأنصار) وبعضهم يذكر الوصف الخاص فلا إشكال
أقول: بل هذه الأحاديث تؤكد القول بأن الآية نزلت في الأنصار عموما دون أهل قباء.
وأما ما ذكرته من تحسين الألباني لرواية شرحبيل فلا يسلم له، لضعف شرحبيل.
وما ذكر الألباني من شواهد وهي حديث أبي أيوب، وجابر وأنس فهي نعم شواهد قوية، لكن لأصل سبب النزول، لا أنها نزلت في أهل قباء.
ومما يؤكد القول بأن الآية لم تنزل في مسجد قباء ما ورد في صحيح مسلم لما سأل النبي صلى الله عليه عن المسجد الذي أسس على التقوى فأجاب بانه المسجد النبوي، فلو كان سبب النزول صحيحا لكان معارضا لهذا الحديث كما ترى.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Jan 2004, 06:46 ص]ـ
الأخ الكريم أحمد القصير حفظه الله، وحفظة الإخوة الكرام
لقد كنت أود الحصول على تتيجة بحثكم في كون أن الآية لم تنزل في أهل قباء، وقد ننصصتم على ذلك في ردكم على الأخ الكريم عبد الله بالقاسم، وذكرتم ما صح عن النبي صللا الله عليه وسلم لما سئل عن الآية فقال: مسجدي هذا.
ولا شكَّ في دخول مسجده صلى الله عليه وسلم في معنى الآية، لكن الحديث لا يُخرج مسجد قباء من أن يكون أسس على التقوى، بل السياق يدلُّ على ذلك، وهو ـ فيما يبدو ـ ظاهر واضح لا لبس فيه، حيث كان الحديث عن مسجد الضرار الذي أقامه المنافقين مضارة لمسجد قباء، فنهي عن الصلاة فيه، ثم نوَّه الله بفضل مسجد قباء.
وكما تلاحظ أن الإشكال كان قديمًا، حيث وقع السؤال عن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى من الصحابة الكرام، ووقع عندهم السؤال عن أي المسجدين أسس على التقوى؟
ولا شكَّ أنهما كلهما أسسا على ذلك، ولدفع إيهام أن يكون المراد به مسجد قباء دون غيره نصَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على مسجده، وفي هذا إشارة إلى تعميم هذا الوصف في كل مسجد أسس على التقوى، والله أعلم.
والمقصود: أن السياق يدل على مسجد قباء، والحديث يدل على دخول مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تنافي في ذلك، والله أعلم، لما ذكرت لك.
أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[13 Jan 2004, 01:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ أحمد
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ مساعد
وأعد فضيلة الشيخ أحمد بمراجعة ماكتبت وكتب إن تمكنت في الأيام القادمة إن شاء الله تعالى،لكن أحببت تسجيل قراءتي لرده الكريم ومداخلة فضيلة الشيخ مساعد وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥