اذا فلولا هذه الكتب لما كانت كتب المعاصرين، لكن لما لم يكن الكمال لكتاب غير كتاب الله تعالى فلابد من قول لقائل ... ، وليس كتاب سوى كتاب الله تريد أن تأخذ عليه الا أخذت، وأذكر مقالة قالها الشافعي للربيع رحمهما الله عندما دفع اليه بكتاب الام ليرويه للناس قال: خذه واروه على زلل فيه، فقال له الربيع: اصلحه، قال:هيهات
ابى الكمال الا أن يكون لله ولكتابه، فمن هنا كان لنا أن نكتب أو أن نقول لا ان نبدع ونخترع , وما اظن أن احدا قد ادعى ذلك لعلمه أن الاجماع منعقد على ماهنالك , وليس بخاف عليك اخي الكريم رسالة ابن رجب رحمه الله في فضل علم السلف ‘ وكتبهم رحمهم الله تمثل شيئا من علمهم.
قال ابن فارس رحمه الله ( ... ومن الذي حظرعلى المتأخرمضادةالمتقدم، ولمه تأخذ بقول من قال: ماترك الاول للآخر شئا وتدع قول الآخر: كم ترك الاول للأخر. وهل الدنيا إلا أزمان ولكل زمان منهارجال، وهل العلوم بعد الاصول المحفوظة إلا خطرات ألأوهام ونتائج العقول. ومن قصر الاداب على زمان معلوم، ووقفها على وقت محدود؟ ولم لاينظر الآخر مثلما نظر الاول حتىيؤلف مثل تاليفه ويجمع مثل جمعه ... ) * من رسالة له ذكرت في ترجمته ـ وكأني بهذا احج نفسي وأنقض مابنيت، كلا لكن أين مثل المقاييس أو الصاحبي أو المجمل وهل الوسيط الاعالة على هذه الكتب وأمثالها، إن هناك فرقا بين ما كتبت ومالم اكتب بعد وهو أن ماسبق وقلته هو الحكم بالعموم علىتصنيف المتقدمين رحمهم الله جملة، حتى غدت رسائلهم التي لاتتجاوزصفحات بعضها اصابع اليد تبز مصنفات كثير من المتأخرين وأنظر الى رسائل شيخ الاسلام أو ابن لقيم أو ابن رجب أوا بن فارس فبعضها يعد مصدرا في بابه تكتب ببون الذهب.
الا أن هذا لايعني أن المتاخرين ليس لهم بعض الجهود التي تذكر فتشكر،وأذكر أن الطنطاوي رحمه الله ذكر أن هناك كتبا تصل الى العشره تعد من مفاخر المتأخرين وذكر منها الاعلام للزركلي * إلا أنك إذا طالعتها وجدتها عالة على كتب المتقدمين، فماهي الا جمع لمتناثر كلامهم ـ وهذه واحدة من مقاصد التأليف ـ في الغالب الاعم.
فمن الكتب الجيده التي شابهت في حسنها بعض كتب المتقدمين، او حاولت التجديد فأتت بمايصعب معه انكار فضلها فعلى سبيل المثال
1ـ الدعاء للعروسي (من العجيب أن اسمه يوحي وكأنه من القرن الخامس)
2ـ التفسير والمفسرون ـ على ماقيل فيه ـ للذهبي رحمه الله (وتأمل اسمه)
3ـ الاعلام للزركلي رحمه الله
4ـ كتب الالباني رحمه الله فقد جدد لعلم الحديث ماكاد يندرس منه
5ـ صفحات من صبر العلماء ... لابي غده رحمه الله
6ـالفقه واصوله، عجزت أن اتذكر كتابا يعول عليه سوى كتاب سيد سابق رحمه الله لكن كثيرا من الكتب قليل الجدوى ذائع الصيت (حظوظ) فعلىنفاسة هذا الكتاب فهو لايغني طالب العلم ولايتخرج به.
7ـ الادب (حجبت لهذا العام) وإن كان كتاب المتنبي للعلامة محمود شاكر رحمه الله بمكان،إلا أنها دراسة جزئه.لكن نقول هو من شابه المتقدمين في كتاباتهم، كذلك إحسان عباس ـ رحمه الله ـ فله دراسات جيده وقويه لكن لم تسلم من الشطط
8ـ الكثير من الدراسات والرسائل الجامعيه التي غطاها الغبار في ارفف الجامعات فقد طبع الشئ اليسير منها. مما أخشى معه أنه لو طبعت كلها او الكثير منها لنسفت كل ماذكرت (يارب سترك)
ويعلم الله كم أرى من بعض الكتب التي كتب عليها إستخفافا بعقول القراء (من أكثر الكتب مبيعا في العالم)، ويكون أصحابها لهم شهرة عريضه، الا أني لم استطع أن اشتري كتابا منها بعد أن اتصفح بعض الورقات من بعضها، ولن أذكر اسماء حتى لا احمل أوزارهم عفى الله عنا وعنهم، بل أقول في نفسي لو لم يكتب ويؤلف لكان اسلم وأرفع له عند طلاب العلم.
وإني اذكرك أخي بحديث ابن مسعود رضي الله عنه من رواية عاصم عن ابي وائل عن ابن مسعود عند الامام احمد باسناد جيد في فشو القلم وأنه من علامات الساعة , إذا علمت هذا وأن الكثير اصبح يقرأ كتابا ويؤلف آخر رغبة في التاليف والله اعلم ببواطن الامور، فمهما كتب المتأخرون فلن يصلوا الى ماوصل اليه المتقدمين
الخاتمه
كماقال في الكامل: (ليس لقدم العهد يفضل القائل، ولا لحدثانه يهتظم المصيب , ولكن يعطى كل مايستحق)
فكان استحقاق المتقدمين من الفضل اكبر من استحقاق من بعدهم من المعاصرين لأمور
1ـ الاسبقيه
فلوقبل مبكاهابكيت صبابة ... بسعدىشفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيجني البكا ... بكاهافقلت: الفضل للمتقدم
2ـ ماعلى كلامهم من حلاوة وماله من قبول سره الاخلاص
3ـ سعة العلم والاستقصاء
4ـ الابتكار والابداع
فلاعليك إن استفدت من بعض من تأخر كاستفادتك ممن تقدم، واجعل نصب عينيك تلك الكتب الصفراء فهي المعول عليها عند أهل الحجى.
وأكتفي بماقلت وأظن اني قد اطلت حتى لا اعلم هل اسهبت ام اطنبت، لكن ومع كل ماقلت فمازال الموضوع يحتاج لمناقشة كثير من زواياه، اكتفيت بما أشار اليه الاخ الكريم العبيدي، والمعذرة من خلل قد يرى أو قصور قد يلمس، فالبال مشغول والخاطر مكدود والذهن مشدود، والله يتولاناجميعا بلطفه ورحمته فهو وحده المعبود لارب لناسواه ولامبتغى غير الفوز برضاه. والله أعلم
ـ الحواشي ــــ
* عجز بيت لأبي تمام مطلعه يقول من تقرع أسماعه ... كم ترك الاول للاخر
*مثله لابن شرف القيرواني رحمه الله في نقد الشعروالشعراء (وما أحسنها من رساله)
*من كان يعرف باقي ماذكره رحمه الله فليفدنا مشكورا
¥