تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأهل العلم بالحديث اتّفقوا على صحة ما رواه أنس وابن عمر، وإن كانا لم يشهدا بدرًا، فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة، وأبو طلحة شهد بدرًا كما روى أبو حاتم في صحيحه، عن أنس، عن أبي طلحة رضي اللَّه عنه: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر، وكان إذا ظهر على قوم أحبّ أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال، فلمّا كان اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها فحركها، ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفاء الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: «يا فلان بن فلان، أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله، فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا»، قال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه ــ صلى الله عليه وسلم ــ ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم»، قال قتادة: أحياهم اللَّه حتى أسمعهم توبيخًا، وتصغيرًا، ونقمة، وحسرة، وتنديمًا، وعائشة قالت فيما ذكرته كما تأوّلت.

والنص الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مقدّم على تأويل من تأوّل من أصحابه وغيره، وليس في القرءان ما ينفى ذلك، فإن قوله تعالى?: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ?لْمَوْتَى?}، إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه، فإن هذا مثل ضربه اللَّه للكفار، والكفار تسمع الصوت، لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتّباع؛ كما قال تعالى?: {وَمَثَلُ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ?لَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء}، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع، بل السماع المعتاد كما لم ينف ذلك عن الكفّار، بل انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به. وأمّا سماع آخر فلا ينفى عنهم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميّت يسمع خفق نعالهم، إذا ولّوا مدبرين، فهذا موافق لهذا فكيف يرفع ذلك، انتهى محل الغرض من كلام أبي العباس ابن تيمية. وقد تراه صرّح فيه بأن تأوّل عائشة لا يردّ به النصّ الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس في القرءان ما ينفي السماع الثابت للموتى في الأحاديث الصحيحة.

وإذا علمت به أن القرءان ليس فيه ما ينفي السماع المذكور، علمت أنه ثابت بالنصّ الصحيح، من غير معارض.

والحاصل أن تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها بعض آيات القرءان، لا تردّ به روايات الصحابة العدول الصحيحة الصريحة عنه صلى الله عليه وسلم، ويتأكّد، ذلك بثلاثة أمور:

الأول: هو ما ذكرناه الآن من أن رواية العدل لا تردّ بالتأويل.

الثاني: أن عائشة رضي اللَّه عنها لما أنكرت رواية ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنهم ليسمعون الآن ما أقول»، قالت: إن الذي قاله صلى الله عليه وسلم: «إمهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم هو الحق»، فأنكرت السماع ونفته عنهم، وأثبتت لهم العلم، ومعلوم أن من ثبت له العلم صحّ منه السماع، كما نبّه عليه بعضهم.

الثالث: هو ما جاء عنها مما يقتضي رجوعها عن تأويلها، إلى الروايات الصحيحة.

قال ابن حجر في «فتح الباري»: ومن الغريب أن في المغازي لابن إسح?ق رواية يونس بن بكير بإسناد جيّد، عن عائشة مثل حديث أبي طلحة، وفيه: «ما أنتمع بأسمع لما أقول منهم»، وأخرجه أحمد بإسناد حسن، فإن كان محفوظًا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة؛ لكونها لم تشهد القصّة، انتهى منه. واحتمال رجوعها لما ذكر قوي، لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين.

قال ابن حجر: إن أحدهما جيّد، والآخر حسن. ثم قال ابن حجر: قال الإسم?عيلي: كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم، ما لا مزيد عليه، لكن لا سبيل إلى ردّ رواية الثقة إلا بنصّ مثله يدلّ على نسخه أو تخصيصه، أو استحالته، انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر.)

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2004, 12:42 ص]ـ

ما أكثر ما يرد لفظ الخضرة في آيات القرآن الكريم و التي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة و المتعة و الاطمئنان النفسي،فنجد في سورة الرحمن: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن:76)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير