تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن القيم رحمه الله: (وأما رد الحديث بالقياس فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس وبالله التوفيق. كيف وأن تحريم النساء والطيب واللباس أمر يختص بالإحرام لا يتعلق بالضحية وأما تقليم الظفر وأخذ الشعر فإنه من تمام التعبد بالأضحية).

وأماقولهم بأنه حديث أم سلمة موقوف، فقد أجيب بأن الحديث ثبت رفعه.

قال ابن القيم رحمه الله في الحاشية: (وقد اختلف الناس في هذا الحديث وفي حكمه فقالت طائفة لا يصح رفعه وإنما هو موقوف، قال الدارقطني في (كتاب العلل): ووقفه عبد الله بن عامر الأسلمي ويحيى القطان وأبو ضمرة عن عبدالرحمن بن حميد عن سعيد. ووقفه عقيل على سعيد قوله. ووقفه يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد عن أم سلمة قولها. ووقفه ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبدالرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة قولها. ووقفه عبدالرحمن بن حرملة وقتادة وصالح بن حسان عن سعيد قوله. والمحفوظ عن مالك موقوف، قال الدارقطني: (والصحيح عندي قول من وقفه).

ونازعه في ذلك آخرون فصححوا رفعه منهم مسلم بن الحجاج ورواه في صحيحه مرفوعاً ومنهم أبو عيسى الترمذي قال: هذا حديث حسن صحيح. ومنهم ابن حبان خرجه في صحيحه ومنهم أبو بكر البيهقي قال هذا حديث قد ثبت مرفوعاً من أوجه لا يكون مثلها غلطا. وأودعه مسلم في كتابه، وصححه غير هؤلاء وقد رفعه سفيان بن عيينة عن عبدالرحمن بن حميد عن سعيد عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورفعه شعبة عن مالك عن عمرو بن مسلم عن سعيد عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس شعبة وسفيان يدون هؤلاء الذين وقفوه ولا مثل هذا اللفظ من ألفاظ الصحابة بل هو المعتاد من خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المباركفوري في التحفة: (لا شك في أن بعض الرواة روى حديث أم سلمة موقوفا لكن أكثرهم رووه بأسانيد صحيحة مرفوعاً.

- فمنها ما رواه الطحاوي في شرح الاثار من طريق شعبة عن مالك بن أنس عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى منكم هلال ذي الحجة الحديث ..

- ومنها ما رواه الطحاوي أيضا من طريق الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن مسلم أنه قال أخبرني سعيد بن المسيب أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله.

- ومنها ما رواه مسلم في صحيحه من طريق سفيان عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخلت العشر الحديث قيل لسفيان قال بعضهم لا يرفعه فقال لكني أرفعه.

- ومنها ما رواه مسلم من طريق محمد بن عمرو الليثي عن عمر بن مسلم عن عمار بن أكيمة الليثي قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ... الحديث.

- وقد أخرج مسلم أيضا في صحيحه من الطريقين الذين ذكرناهما عن شرح الاثار.

وهذه الطرق المرفوعة كلها صحيحة فكيف يصح القول بأن حديث أم سلمة الموقوف هو أصل الحديث بل الظاهر أن أصل الحديث هو المرفوع وقد أفتت أم سلمة على وفق حديثها المرفوع فروى بعضهم عنها موقوفا عليها من قولها.

قلت: ومن الجواب قول من قال بتقديم الرفع على الوقف لأنه زيادة من ثقة، حتى إن كان الواقفون أكثر عدد وأرجح من جهة الضبط وا لإمامة، وإليه يصير سماحة الإمام المحدث ا لشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

المسألة الثانية:

إذا ثبت القول بالتحريم فهل يعم الرجل المضحي وأهل بيته من النساء والصبيان أم هو خاص بالمضحي؟

وقبل تحرير المسألة لابد من بيان أن الفقهاء رحمهم الله تعالى قد يعنون بقولهم (يضحى عنه) أحياناً التفريق بين الأصيل والوكيل، وأحيانا أخرى التفريق بين صاحب الأضحية ومن أشرك في ثوابها من أهله، وكلا الأمرين محتمل عند مسألتنا.

فإن كان المقصود الأول فلا يصلح ذكر من قال به في جملة القائلين بإدخال أهل الرجل في النهي، وإن كان الثاني ساغ ذلك. والأشبه أنهم يقصدون الأول، لعدة قرائن:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير