ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[23 May 2009, 03:11 م]ـ
(بدع التفاسير)
من الألفاظ التي ترد كثراً في الكشاف ويوردها بعض من ينقل عنه كلمة (بدع التفاسير)
ولا أراه يطرد إطلاقها في كل ما يعتبر تفسيراً بدعياً حتى على رأي المعتزلة
ووجدت كلاماً مهماً للطيبي نقله ابن عاشور عن توضيح هذا المصطلح عند الزمخشري
قال ابن عاشور (ت:1393هـ): (قال شرف الدين الطيبي في شرح الكشاف في سورة الشعراء: شرط التفسير الصحيح أن يكون مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف، وصاحب الكشاف يسمي ما كان على خلاف ذلك بدع التفاسير).
وأما قول ابن المنير تعليقاً على قول الزمخشري (ت:538هـ) في تفسير النفاثات في العقد: (فإنْ قُلْتَ: فما مَعْنَى الاسْتِعاذَةِ مِن شَرّهِنَّ؟
قُلْتُ: فيها ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُها: أنْ يُسْتَعاذَ مِن عَمَلِهِنَّ الَّذِي هو صَنْعَةُ السِّحْرِ، ومِن إثمِهِنَّ في ذلك.
والثَّانِي: أنْ يُسْتَعاذَ مِن فِتْنَتِهِنَّ النَّاسَ بسِحْرِهِنَّ, وما يَخْدَعْنَهم به مِن باطِلِهِنَّ.
والثَّالِثُ: أنْ يُسْتَعاذَ مِمَّا يُصِيبُ اللهُ به مِنَ الشَّرِّ عند نَفْثِهِنَّ, ويَجوزُ أنْ يُرادَ بِهِنَّ النِّساءُ الكَيَّاداتُ من قَوْلِهِ: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [28: يُوسُفُ] تَشْبِيهًا لكَيْدِهِنَّ بالسِّحْرِ والنَّفْثِ في العُقُدِ ..... )
قال ابن المنير (ت:683هـ): (وهذا مِنَ الطِّرازِ الأَوَّلِ فَعَدِّ عَنْهُ جانِبًا, ولو فَسَّرَ غَيْرُهُ النَّفَّاثاتِ في العُقَدِ بالمُتَخَيِّلاتِ مِنَ النِّساءِ، ولَسْنَ ساحِراتٍ, حتى يَتِمَّ إنْكارُ وُجودِ السِّحْرِ لعَدَّهُ مِن بِدَعِ التَّفاسِيرِ).
فمراده ببدع التفاسير هنا التفاسير البديعة مدحاً.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[24 May 2009, 12:42 ص]ـ
أخي الحبيب أبا مجاهد حفظك الله ..
بالنسبة إلى مسألتي العلم والداعي التي نقلتَها عن الرازي، فلا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمة هي سبب الإشكال - في حِسباني -، وهي أن الرازي لم يُفسّر القرآن على الترتيب المصحفي، وإنما تخيّر من السور، فلذلك قد يُحيل في بداية تفسيره على مواضع متأخّرة؛ لأنه فسّرها زمنياً قبل تلك المتقدّمة في ترتيب المصحف، ومن هنا نشأ عدم فهم هذه الكلمة؛ إذ قد شرحها مراراً أثناء التفسير إلّا أنها لم تكن في الموضع الأوّل من مظانها حسب ترتيب المصحف أو الترتيب التقليدي للتفسير، فيحتاج القارئ إلى قراءة الكثير من التفسير حتى تتّضح له مثل هذه الاصطلاحات.
أما مسألتا العلم والداعي فهما من المسائل التي يوردها الرازي على المعتزلة، في سياق الاحتجاج على عقيدة الجبر والقدر، والرازي ينتصر في تفسيره بوضوح إلى عقيدة الجبر، والمعتزلة - كما هو معروفٌ - قدريّة في باب القدر.
فإذا أورد الرازي دليلاً للمعتزلة جارياً على مذهب القدريّة - في نفي القدر أو بعبارة المعتزلة: خلق أفعال العباد، وأنه ليس لله مشيئة في كفر الكافر وأشباهه - عارض دليلهم هذا بمسألتي العلم والداعي.
وحاصل المسألتين - كما أذكر الآن من دون العود إلى التفسير - أن العلم هو الاحتجاج عليهم بعلم الله المسبق للأحداث، الذي يعتبره حجّة في الجبر، ووجهه:
أن الله إذا علم من فلان الكفر، فهل يستطيع هذا الفلان أن يؤمن فيتخلّف علم الله، الجواب: لا، قطعاً، فيعتبر بهذا الوجه مسألة علم الله المسبق من أقوى أدلّة الجبر.
أما مسألة الداعي، فحاصلها: أنكم - أيها القدريّة - كما في عُرف الرازي - قد احتججتم على أنّ الفعل إنما كان بمشيئة العبد المجردة بالداعي، وهو أنّ ثمّة إرداة انطلقت من نفس العبد نحو الفعل، ففعله العبد، إلّا أننا نورد عليكم أن هذه الإرادة لما تحرّكت نحو الفعل احتاجت إلى محرّك، فمن الذي الذي حركها؟ يلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا: الله حرّكها، وهو الذي نقول به - يقصد الرازي من القول بالجبر - أو أن تقولوا: حرّكتها إرادة أخرى، فإن قلتم ذلك؛ ورد عليكم أن هذه الإرادة الأخيرة احتاجت إلى محرّكٍ كذلك، ويلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا حرّكتها إرادة اخرى، وهذا باطلٌ، لأنه يلزم منه التسلسلُ وهو ممنوع، وعليه، فلا مناص لكم من التسليم بأن الله حرّكها، وهو قولنا.
¥