وهاتان المسألتان هما ما يحتجّ بهما الرازي لعقيدته الجبريّة، وليس المقام بمقام التحقيق فيهما، وإنما عرضتُ في هذه العجالة مقصود الرازي على ما طلبتم، وفقكم الله.
أما ما أورده أخي المنصور، فلا يفيد قطعاً في هذه المسألة، والكلام إنما أورده المقريزي - فيما أحسب - نقلاً عن فلاسفة الصوفية، لأجل الرّد إليهم، وإلا فالكلام المنقول - من حيث المعنى - باطلٌ ظاهر البطلان، وهو غير متعلّقٍ بالمسألة التي نحن بصدد الحديث عنها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2009, 12:47 ص]ـ
أخي الحبيب أبا مجاهد حفظك الله ..
بالنسبة إلى مسألتي العلم والداعي التي نقلتَها عن الرازي، فلا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمة هي سبب الإشكال - في حِسباني -، وهي أن الرازي لم يُفسّر القرآن على الترتيب المصحفي، وإنما تخيّر من السور، فلذلك قد يُحيل في بداية تفسيره على مواضع متأخّرة؛ لأنه فسّرها زمنياً قبل تلك المتقدّمة في ترتيب المصحف، ومن هنا نشأ عدم فهم هذه الكلمة؛ إذ قد شرحها مراراً أثناء التفسير إلّا أنها لم تكن في الموضع الأوّل من مظانها حسب ترتيب المصحف أو الترتيب التقليدي للتفسير، فيحتاج القارئ إلى قراءة الكثير من التفسير حتى تتّضح له مثل هذه الاصطلاحات.
أما مسألتا العلم والداعي فهما من المسائل التي يوردها الرازي على المعتزلة، في سياق الاحتجاج على عقيدة الجبر والقدر، والرازي ينتصر في تفسيره بوضوح إلى عقيدة الجبر، والمعتزلة - كما هو معروفٌ - قدريّة في باب القدر.
فإذا أورد الرازي دليلاً للمعتزلة جارياً على مذهب القدريّة - في نفي القدر أو بعبارة المعتزلة: خلق أفعال العباد، وأنه ليس لله مشيئة في كفر الكافر وأشباهه - عارض دليلهم هذا بمسألتي العلم والداعي.
وحاصل المسألتين - كما أذكر الآن من دون العود إلى التفسير - أن العلم هو الاحتجاج عليهم بعلم الله المسبق للأحداث، الذي يعتبره حجّة في الجبر، ووجهه:
أن الله إذا علم من فلان الكفر، فهل يستطيع هذا الفلان أن يؤمن فيتخلّف علم الله، الجواب: لا، قطعاً، فيعتبر بهذا الوجه مسألة علم الله المسبق من أقوى أدلّة الجبر.
أما مسألة الداعي، فحاصلها: أنكم - أيها القدريّة - كما في عُرف الرازي - قد احتججتم على أنّ الفعل إنما كان بمشيئة العبد المجردة بالداعي، وهو أنّ ثمّة إرداة انطلقت من نفس العبد نحو الفعل، ففعله العبد، إلّا أننا نورد عليكم أن هذه الإرادة لما تحرّكت نحو الفعل احتاجت إلى محرّك، فمن الذي الذي حركها؟ يلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا: الله حرّكها، وهو الذي نقول به - يقصد الرازي من القول بالجبر - أو أن تقولوا: حرّكتها إرادة أخرى، فإن قلتم ذلك؛ ورد عليكم أن هذه الإرادة الأخيرة احتاجت إلى محرّكٍ كذلك، ويلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا حرّكتها إرادة اخرى، وهذا باطلٌ، لأنه يلزم منه التسلسلُ وهو ممنوع، وعليه، فلا مناص لكم من التسليم بأن الله حرّكها، وهو قولنا.
وهاتان المسألتان هما ما يحتجّ بهما الرازي لعقيدته الجبريّة، وليس المقام بمقام التحقيق فيهما، وإنما عرضتُ في هذه العجالة مقصود الرازي على ما طلبتم، وفقكم الله.
أما ما أورده أخي المنصور، فلا يفيد قطعاً في هذه المسألة، والكلام إنما أورده المقريزي - فيما أحسب - نقلاً عن فلاسفة الصوفية، لأجل الرّد إليهم، وإلا فالكلام المنقول - من حيث المعنى - باطلٌ ظاهر البطلان، وهو غير متعلّقٍ بالمسألة التي نحن بصدد الحديث عنها.
شكر الله لك، وبارك فيك وفي علمك على هذا البيان الشافي.
وأين أنتم في جامعة الملك خالد؟
أرجو أن أراك أخي الحبيب، وأتشرف بمعرفتك.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[24 May 2009, 01:54 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، وزادكم شرفاً، بل أنا من يشرفُ بلقاء أمثالكم من حملة العلم.
أتواصل معكم على الخاصّ إن شاء الله تعالى.
ـ[المنصور]ــــــــ[25 May 2009, 09:54 ص]ـ
ماشاء الله
الحمد لله
وإلى المزيد من المصطلحات
ـ[يسري خضر]ــــــــ[25 May 2009, 11:20 ص]ـ
أضم دعائي ورغبتي الي د. محمد بن عبدالله بن جابر القحطاني
وأقول
شكر الله لك، وبارك فيك وفي علمك على هذا البيان الشافي.
وأين أنتم في جامعة الملك خالد؟
أرجو أن أراك أخي الحبيب، وأتشرف بمعرفتك.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[25 May 2009, 01:23 م]ـ
¥