تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والله تعالى أسأل أن يكون ما كتبناه ملبيا للحاجة التي أشرتم إليها في كلامكم، وإن كنت أعترف - رغم أنه قد مرت على معالجته سنون بلغت تسعا ,ان مواده المعجمية قد جاوزت الألف وخمسمائة مادة - إلا أن المرجو منه أكبر مما تم تحقيقه، لكنه بالنسبة لي مشروع مفتوح ما أمدّ الله لي في العمر، وبنصائح الإخوان وإضافتهم واستدراكاتهم سيكون في صورة أفضل إن شاء الله.

ثم نعود إلى موضوعنا لنعرّج على مصطلح جديد مما يذكره المفسرون لإيضاحه والكشف عنه - وهو في ذات الوقت أنموذج لما طرحته في معجمي "مفاتيح التفسير" - وهومصطلح "الترجي" فنقول مستعينين به سبحانه:

الترجي:

هو انتظار حصول أمر مرغوب فيه، من غير وثوق بحصوله. ويكون بالحرف" لعلّ " أو " علّ " أو بالأفعال: (أرجو، عسى، حرى، آمل، اخلولق)

* وقد ذكر السيوطي الترجي ضمن أقسام الإنشاء، ونقل القرافي في الفروق الإجماع على أنه إنشاء، وفرّق بينه وبين التمني بأمور منها ما يلي:

1. الترجي يكون في الممكن، والتمني يكون فيه وفي المستحيل.

2. الترجي يكون في القريب، والتمني يكون في البعيد.

3. الترجي يكون في المتوقَع، والتمني يكون في غيره.

* والترجي لا يكون إلا من الأدنى للأعلى ولهذا فسر سيبويه قوله تعالى آمرا موسى وهارون عليهما السلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:44، 43) فسّره بأن معناه: اذهبا على رجائكما وطمعكما. قال الزركشي في البرهان: يعني أنه كلام منظور فيه إلى جانب موسى وهارون عليهما السلام لانهما لم يكونا جازمين بعدم ايمان فرعون أ. هـ

قلت: حمل الترجي على هذا هو الأصح لأن الترجي نتيجة الجهل بالعاقبة وهو محال على علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى.

وأيضا فإن حمل الترجي على غير هذا مخالفة للترتيب الطبيعي الذي عنونّا به هذه الفقرة وهي أن الترجي يكون من الأدنى للأعلى وليس العكس.

*فائدة:

قال الزركشي في البرهان:

كل ما جاء في القرآن العظيم من نحو قوله تعالى"لعلكم تفلحون" أو "تتقون" أو "تشكرون" فالمعتزلة يفسرونه بالإرادة لأن عندهم أنه تعالى لا يريد إلا الخير ووقوع الشر على خلاف إرادته. وأهل السنة يفسرونه بالطلب لما في الترجي من معنى الطلب والطلب غير الإرادة على ما تقرر في الأصول فكأنه قال: كونوا متقين. أو:مفلحين.

إذ يستحيل وقوع شئ في الوجود على خلاف إرادته تعالى بل كل الكائنات مخلوقة له تعالى ووقوعها بإرادته تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. أ. هـ

والرأي هنا ما رآه أهل السنة لأن كل ما يقع في الكون من خير أو شر هو بإرادة الله ولا يقع شيء في الكون لا يريده سبحانه، فترجح أن يكون الرجاء في نحو ما ذكر بمعنى الطلب. أو باعتبار المخاطبين كما مضى عن سيبويه.

وقد رجعت إلى تفسير الكشاف لأتبين رأي المعتزلة في نحو هذه الآيات فوجدته يذكر أن "لعل" استعارة بمعنى الإرادة وهذه بعض مواضع كلامه في ذلك.

فعند تفسيره لقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (السجدة:3) قال: {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} فيه وجهان:

1 - أن يكون على الترجي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} [طه: 44] على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام.

2 - أن يستعار لفظ الترجي للإرادة.

وعند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} قال: و "لعل": مستعار لمعنى الإرادة، لتلاحظ معناها. ومعنى الترجي، أي: خلقناه عربياً غير عجمي: إرادة أن تعقله العرب.

* ونحو "لعل" في إفادة الترجي "عسى" إذ هي تفيد الترجي في المحبوب، والإشفاق في المكروه، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهوشر لكم}

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير