و الحديث الوارد في ذلك إنما المراد به التأني و الترسُّل في القراءة و أن الخلاف في ألفاظه بين الرواة قد بين ذلك، و أن النبي صلّى اللهُ عَليه وسلَّم كان يُقرأ أصحابه القرآن و يُقرأونه هم للخلق فلو كان هذا سنة معلومة أراد الشارع أن تعمل بها الأمة لبينها و أمر الناس بها فقال قفوا أو لا تقفوا ولما ترك ذلك أصحابه ولا التابعون. و قد بينا كلام الترمذي و الطحاوي وغيرهما في تضعيف اللفظ الذي به يستدل من يستدل من متأخري القراء على تعميم القول بسنية الوقف على رؤوس الآيات وبينت بحمد الله الصواب في المسألة.
فيوقف على رؤوس الآي ما لم يشتد تعقها بما بعدها. فهذا بإيجاز.
و أما سؤالكم فمبني على صحة الرواية لفظا ومعنى في أن النبي صلّى اللهُ عَليه وسلَّم قد كان يتعمد الوقف على رؤوس الآي وقد بينت عدم صحته وثبوته و بينت الجواب عليه تنزُّلا فيما لو قيل بثبوته.
ثم معلوم أن المعانى في رؤوس الآيات كثيرا ما يتم الكلام عندها فلهذا يقف الواقف عندها.
و أما كون رؤوس الآيات توقيفية فلا يدل على سنية الوقف عليها أو التزامه في كل حال لأن ثبوت ذلك غاية ما يدل عليه تعريف المسلمين بموضع انتهاء الآية و ابتدائها.
و الآية قد ترتبط بما بعدها لفظا و معنى وقد لا ترتبط فمتى ارتبطت بما بعدها ارتباطا قويا فوقوفنا عليها مخالف لما أمرنا به من التدبر لمعاني الكتاب و الانتفاع بما فيه من الهدى بلا ارتياب فبان بهذا أننا لا نتعمد الوقف على ما يشتد تعلقه بما بعده حتى لا نخالف هذا الأمر ولا نقع في إضعاف فصاحة القرآن التي بها تحدى الله البلغاء و بها تميز.
و أما الحديث الذي ذكرتموه فقد قلتُ: سابقا لا كلام قبل أن نرى سنده، وكنتُ سأُضرب عن الكلام عليه فأجدني مضطرا لبيان ما في نفسي منه.
فيغلب على ظني وهاء سنده أو اشتماله على علة قادحة فيه؟. لماذا؟
لأنّ حديثا يفوت الحفاظ ذكره في المسانيد المشهورة وفي كتب السنن المعتبرة و في المصنفات بل في معاجم الطبراني وغيرها من كتب الحديث المستكثرة،و لا يذكره مع ذلك الأئمة المصنفون في القراءت فيما وصلنا منهم وفيهم حفاظ كابن الأنباري وكالحافظ الداني و أبي العلاء الهمذاني و ابن الجزري وغيرهم فهو حديث غريب جدا، فكيف إذا كان من طريق شيخ متأخر الطبقة منقولا من كتاب عزيز، وقد علمتَ أن السيوطي نفسه يقول في مقدمة كتابه إن ما يقتصر في عزوه لتاريخ الحكم أو لمسند الفردوس أو للخطيب وابن عساكر فهو معلم بضعفه فلا يحتاج لبيان، هذا و الحاكم والخطيب وابن عساكر أجل و أشهر و أذكر ممن قد ذكرت و لا ينفع الرواية ما ذكرتم من منزلة التابعي النهدي فهو معروف وليس كلامنا فيه غير أن بين الفراء وبينه مجاهل تنقطع فيها الأعناق ولا ينفع فيها الإعراق. ولا ينفعه قول السيوطي رجاله ثقات إن لم يكن في هذا تصحيفا من النسخة المطبوعة؟. فالسيوطي رحمه الله يقول جامعه هذا: إن العزو إلى ابن حبان و إلى الحاكم في المستدرك معلم بالصحة؟!.
و أخيرا فقد علمتَ قول: النووي: لم يفت الخمسة مما صح الإ النَّزْر.
وقد أيده فيه الحفاظ كالحافظ ابن حجر و السيوطي و غيرهم.
قال السيوطي:
واحمل مقال عشر ألف ألف ***** أَحوِي على مكرَّر ووقفِ
فهذا ما كتبته اليوم بعد صلاة الجمعة على عجل.
و الله يجزيكم على حبكم علوم الكتاب الحكيم خيرا.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[06 Mar 2004, 12:40 ص]ـ
وفقك الله
لكن هناك فرق بين مسند الفردوس وتاريخ بغداد أو ابن عساكر مما أطلق العزو إليه دون تعقيب مع ما نص على ثقة رجاله.
ولو كان اعتراضكم على مجرد توثيق رجال السند مما لا يفيد في معرفة اتصاله، لكان أولى.
مع عدم الطعن في علم واطلاع السيوطي، كما أنه لا يوجد كلام لغيره.
==================
إضافة على الموضوع:
نص القراء كما في النشر وغيره على عدم الوقف على حم
بل وصلها مع عسق مع أنها رأس آية.
في مصحفنا ولا علم لي بعد غيره من مصاحف الشام أو الحجاز.
يعني تستعد وتقرأ بنفس واحد: حم عسق.
ولم أطلع على من نص على الوقف على حم إلا الشيخ عبد الفتاح المرصفي من المتأخرين رحمه الله تعالى في كتابه هداية القاري
فمن لديه إضافة فليشارك على بركة الله.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[02 Apr 2004, 06:07 ص]ـ
بحث لطيف مبارك إن شاء الله
وبالنسبة لإسناد الحديث المذكور والذي تبحثون عنه فإليكم ما وقفت عليه وأظنه نفس الحديث لكن بلفظ آخر.
قال أبو العلاء الهمداني ت 569 هـ في كتابه التمهيد في معرفة التجويد
قرأت على إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج الأصبهاني عن
أحمد بن الفضل بن محمد المقرئ الباطرقاني ثنا
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى والحسن بن علي بن أحمد قالا ثنا
الفضل بن الخصيب بن نصر ثنا
إبراهيم بن فهد بن حكيم ثنا
عمار بن زربي ثنا
معتمر بن سليمان عن
أبيه عن
أبي عثمان النهدي عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدا (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم) حتى يختم السورة
رواه الهمداني في كتابه المذكور
وتجده في ص 159 برقم 267 تحقيق د. غانم قدوري الحمد ط الأولى 1420 بدار عمار.
ولا أظنه إلا نفس الحديث لكن بلفظ آخر مقارب وهو وإن كان لا يصلح للاستشهاد في هذا الباب أقصد باب الوقف بشكل مباشر، لكني سقته للإسناد
لكن فيه عمار بن زربي البصري:
قال العقيلي الغالب على حديثه الوهم ولا يعرف إلا به
قال بن عدي أحاديثه غير محفوظة
وقال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال كذاب متروك الحديث وضرب على حديثه ولم يقرأه علينا
ذكره بن حبان في الثقات وقال إمام مسجد عمرو بن مروزق كان ضريرا يغرب ويخطيء
لسان الميزان ج 4 /ص 271
والله أعلم.
¥