تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن هنا كانت رسالة المصطفى r هدفها المحوري هو الارتقاء بالبشرية، والصعود بالإنسانية من المستوى البهيمي أولاً إلى المستوى الإنساني، ثم من أدنى درجة في الإنسانية إلى أعلى درجة فيها حيث تبدأ الرتبة الملائكية.

إذن فالإنسانية التائهة والبشرية الضائعة وجدت ضالتها في بعثة النبي r من حيث السمو والرفعة والأمان، لأن الهدف هو الإنسان والغاية هي سعادته ونجاته.

وإذا ما نظرنا في جوانب هذه البعثة السمحاء سنجد ذلك متجلياً في مختلف الأوامر والنواهي،سواء القضايا العقدية أو الوصايا الأخلاقية أو المسائل التشريعية.

فللإنسان تساؤلاته الكبرى منذ أن ولد على ظهر هذه الأرض: من أنا؟ ومن أين أتيت؟ وكيف أتيت؟ ولماذا أتيت؟ وإلى أين المصير؟ وما الغاية؟ ولقد تتابع الوحي الإلهي تترا كما قال عز وجل:} ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ {[سورة المؤمنون آية 44].

لكي يطمئن الإنسان ويريحه، ويحل له ألغاز الوجود، وينقذه من عذاب التساؤلات، وظلام الحيرة، وقلق الشك، وكلما ابتعد الإنسان عن منارة الوحي هاجمته شكوكه، وأقبلت عليه وساوسه، واستبد به شياطين الإنس والجن، وأحدق به أنصار الشر والفساد. فأراد الله عز وجل لهذه البشرية الهائمة رسالة خالدة، تحمل أجوبة خالدة، تظل ماثلة أمام العقول، وملامسة شغاف القلوب، فكانت بعثة المصطفى r ومعجزته الخالدة المشرقة في القرآن الكريم.

ومن نعم الله عز وجل ورحمته بهذه الأمة أنه تفضل عليها بالقرآن ومثله معه) ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه (([1]) ليكون بياناً ساطعاً، ونوراً مشرقاً، يسد الباب أمام عشاق الأوهام، وخفافيش الظلام، الذين ينشطون لأشكلة الواضحات وتعويص الهينات. فجاءت بحمد الله عز وجل:

- رسالة كاملة شاملة} الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {[سورة المائدة آية 3].

غطت كل جوانب الحياة العقدية والتشريعية والأخلاقية، وقام جهابذة العلم فيها بما يشبه المعجزة في التعليم والبيان، والتأليف والإبداع في الأصول والفقه والحديث والتفسير والكلام، وكل ذلك ظل دائماً مشدوداً إلى الأصلين العظيمين الكتاب والسنة.

- هادية منيرة مصحّحة مسدّدة} يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا {[سورة النساء آية 174]} يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {[سورة المائدة آية 15 – 16] تخرج الناس من الظلمات إلى النور: من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، ومن ظلمة الشك إلى نور اليقين، ومن ظلمة الخوف إلى نور الرجاء والأمان، ومن ظلمة الجور إلى نور العدل والقسط، ومن ظلمة العصبية والجاهلية إلى نور الأخوة الإنسانية.

- واضحة بينة: " بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك " ([2]) لا لبس فيها ولا غموض، ولا رموز ولا كتمان، إنها أجلى من الشمس في رابعة النهار غير أن الأعشى لا يراها والأعمى لا يستفيد من نورها.

- ليس فيها حرج:} وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {[سورة الحج آية 78]

- سهلة يسيرة:} لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا {[سورة البقرة آية 286] "" إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه .. "" ([3]). "" يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا "" ([4]).

- فيها تنوع وثراء في تشريعاتها وتوجيهاتها، تمد الوجود الواقعي والحياتي دائماً بمعطياتها ونصائحها دون عسف أو غمط للواقع، ودون إهمال أو تفريط به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير