تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المناهج الحديثة في قراءة النص الشرعي .. قراءة نصر أبو زيد أنموذجاً

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Sep 2007, 03:22 م]ـ

د. سليمان الضحيان (*) 17/ 9/1428

29/ 09/2007

ـ منهج نصر أبو زيد ينتزع القداسة من النصوص الدينية

ـ الصدام مع الحضارة الغربية شكّل أكبر محرض على إعادة قراءة التراث

ليس فهم الدين بمعزل عن الواقع ومتعالياً عليه كما يفهم بعض المتديّنين، بل فهم الدين معطى بشري ناتج من جدل النص الشرعي والواقع، ولا يمكن أن تُفهم أسباب نشأة الفرق الدينية ومقولاتها وتحولاتها من دون القراءة الواعية للواقع الذي نشأت فيه؛ لأنها في محصلتها النهائية من إفراز ذلك الواقع، وبناء على هذه المقدمة البدهية في (علم الأفكار) فإن المشروعات الفكرية الحديثة في قراءة النص هي استجابة للتحدي الحضاري الذي فرضه الصدام مع الحضارة الغربية بمقولاتها ومنتجاتها الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تحولت إلى مكون رئيس من مكونات فكرنا العربي الحديث، وإذا أردنا البحث عن بداية لتلك المشاريع فيجب أن نعود إلى لحظة الاحتكاك بالحضارة الغربية. ففي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بدأت محاولات العلماء والمفكرين لإعادة قراءة التراث وطرح مشروعات فكرية للنهوض بالأمة والانعتاق من أسر الحضارة الغربية، فكانت أطروحات محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوي وقاسم أمين ومحاولاتهم التوفيق بين النص الشرعي وبعض المنتجات الفكرية للحضارة الغربية وظلت أطروحاتهم في قراءة النص الشرعي داخل محيط التداول الإسلامي للنصوص، محتفظة بطريقة الاجتهاد المتعارف عليه في السياق المعرفي الإسلامي، وذلك بإعمال آليات (التأويل) و (وإعمال المصلحة) و (التحسين العقلي)، وغيرها من آليات الاجتهاد المعرفي الإسلامي، ثم في الخمسينيات من القرن العشرين بدأت موجة أخرى من المشروعات الموجهة للتعامل مع النص الشرعي، ومع هذه الموجة بدأت منهجية قراءة النص الشرعي بوساطة المناهج الحديثة وخاصة قراءة القصص في القرآن الكريم كما في أطروحات طه حسين، وأمين الخولي، ومحمد أحمد خلف الله، مستخدمين في قراءتهم لتلك القصص آليات العقل الإنساني التاريخي (1)، وبداية من نهاية الستينيات وبعد النكسة العربية بدأت الموجة الثالثة؛ إذ اتجهت الجمهرة الكثيرة من المثقفين العرب إلى إعادة قراءة التراث مما شكل ما يشبه الظاهرة، وهو ما دفع جورج طرابيشي إلى تسمية تلك الظاهرة بـ (العصاب الجماعي)، هذه الظاهرة تتكون من عدة تيارات؛ منها ما كانت قراءته على ضفاف النص الديني، ولم تتعامل مع النص الديني مباشرة كالجابري، والعروي، وحسين مروة، وجورج طرابيشي، ومنها تيارات أخرى كانت مجال قراءتها النصوص الدينية نفسها وهي على قسمين: منها ما كانت قراءته ضمن منهج التداول الإسلامي اعتماداً على (التأويل)، كجمال البنا (2)، ومحمد العشماوي (3).

وقسم آخر من المفكرين كانت مشاريعهم تستمد آلياتها من خارج نطاق التداول الإسلامي للاجتهاد؛ فهي تعتمد على مناهج حديثة في قراءتها للنص؛ فمن المغاربة برز محمد أركون الجزائري، وهو ينحو منحى القراءة التفكيكية للنص الديني والكشف عن (اللامفكر فيه) في ذلك النص - حسب تعبير أركون– مستعينا بمنهج الحفر الأركيولوجي (4)، والقراءة السيميائية (5)، والتاريخية للنص الديني (6)، ومنهم أيضاً عبد المجيد الشرفي التونسي، وهو يعتمد في قراءته للنص على نتائج منهج دراسة الأديان الذي أصبح علماً مستقلاً استفاد من المباحث السوسيولوجية، والأنسنة، واللسانية، والتاريخية الجديدة، إضافة إلى المنهج الظواهري، وعلم الدلالة، والتحليل النفسي (7)، وفي مصر برز حسن حنفي حيث طرح مشروعه الضخم (من العقيدة إلى الثورة) وهو محاولة لإعادة تفسير المقولات الكلامية عن (الله، والغيب، والدين) بتفسير جديد لبث روح عصرية تحمل روح الثورة والتغيير (8)، وحامد نصر أبو زيد ومشروعه الفكري إعادة قراءة النص الديني قراءة تاريخية مستعينا بمنهج الهرمنيوطيقا (التأويلية) (9)، وفي الشام برز الطيب التيزيني في مشروعه إعادة قراءة النص الديني من خلال الوضعية الاجتماعية المشخصة المرافقة لنزول النص وتاريخه، مستمداً من خلفيته الماركسية منهجها في قراءة المجتمعات من خلال الصراع الطبقي (10)، ومحمد شحرور واعتمد في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير