تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الإسلام البراجماتى .. وأخطاء فى التسويق!]

ـ[الجندى]ــــــــ[02 Mar 2008, 08:49 ص]ـ

[الإسلام البراجماتى .. وأخطاء فى التسويق!]

الفارس مفروس

المصدر

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=11919

حين نتحدث عن "الإسلام" كـ "دين" يسعى فى كل جوانبه لتهيئة المجتمع نحو قبول ملزم لأحكامه، فإننا نفترض فى المتلقى مطلباً عقدياً يؤمن بحتمية تفعيل مثل هذه الأحكام وضرورة تصدرها كمنهج شامل لحياته وصلاح مجتمعه، حتى وإن تعارضت بعض تلك الأحكام مع حجم المعلومات المتاحة لتفسيرها، أو لخفاء الحكمة الظاهرة لتشريعها، فإننا مطالبون بتحويلها لمنهج شامل للحياة، لأن المحور الأساسى للديانة هو تحقيق العبودية التامة للشارع الحكيم والإنقياد الخالص لأحكام الدين، دون مصادرة لحتمية التجديد والمواكبة لمستجدات الأمور من منظور واقعى، لكننا مكلفون فى النهاية بتحقيق الهدف من تطبيق أحكام الإسلام الدينية فى كافة المناحى، على أساس الإرتباط الوثيق بين العمل الدنيوى والجزاء الآخروى، والإسلام بهذا المفهوم قد يتوافق مع بعض القوانين الإنسانية للحكم فى مفهوم "الإلزام" و "تحقيق المصلحة"، لكنه بكل تأكيد لا يتقاطع مع تلك المناهج الوضعية الحاكمة فى جزئية هامة، وهى قابلية التمحيص العقلى أو النقد الفكرى، ولا يمكننا أن نمرر عليه مقصلة العقل البشرى لتقييم كلياته وأصوله، كما لا يمكننا كذلك أن نخضعه لمبدأ: القبول السلمى للأحكام التى يجيزها العقل والرفض العملى لما خرج عن حيز الإستيعاب!

الإشكالية تبدو واضحة حين تتحول مبادئ الحكم فى الإسلام إلى منهج براجماتى نفعى قائم على مفهوم شاذ على تعاليمه وهو مفهوم: تحقيق المصلحة بمفهومها الشامل دون تقييد، وذلك حين أفرط الكثيرون فى مفهوم "المصلحة" فقيدوا بها أحكام الدين، وحولوا تلك المصلحة إلى أصل من أصول التشريع يدور مع تفاصيل أحكامه حيثما دارت، تابعاً لها لا متبوعاً، حتى روج البعض لمقولة مغلوطة تقول: أنه حيثما وُجدت المصلحة فثم حكم الله! والحقيقة أن المصلحة تكمن فى تطبيق الحكم حتى وإن بدا ذلك معارضاً لمصلحة الناس وأهوائهم وما تهواه أنفسهم، وكم من أحكام التشريع تدخل تحت طائلة القاعدة العامة: وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم!

والمتدبر لهذا المفهوم الغريب يجد أنه سياق جديد مستحدث، أراد القائلون به أن يقدموا المصلحة كشرط على وجود الأحكام وحكمة تشريعها، والتأكيد على تبعيتها المطلقة لشرط حصول المنفعة المحسوسة، وربما بالغوا فى التقييد فجعلوا التعلق بالمنفعة العاجلة تحديداً وغض الطرف عن الآجل منها واعتباره خارج الحسابات، والأخطر من ذلك فى حملة التصعيد المنهجى التى ارتقت منابر الوعظ وتصدرت عناوين الإعلام الإسلامى هو تبديل الأحكام فى مجموعها لتصبح -اصطلاحياً- مجرد سلة من المصالح، وتحويل العلاقة بين الشارع الخالق والعبد المخلوق إلى علاقة نفعية بحتة، قائمة على مصلحة العبد الدنيوية وما تتطلبه من معايير متغيرة ترتبط بحاجة العبد وأحواله، فلا يمكن تطبيقها ابتداءً إلا من بعد أن تحدد فيها عين المصلحة وحجمها، فإن تبدلت المنافع وتغيرت المصالح فإن من توابع ذلك -من خلال المفهوم البراجماتى- أن يتبدل التشريع ويتغير، أو يصل فى أحسن حالاته إلى تأويل باهت لا يبقى على أصل التشريع ولا يجعل له أثراً فى المجتمع.

ولذلك نرى ونسمع عن مناهج جديدة للدعاة والمتصدرين لواجهة العمل الإسلامى يقررونها فى رؤوس الناس بكثرة التكرار، ويتنطعون فى تلقينها لعامة المسلمين باختراع جملة من المنافع والمصالح التى ستترتب على إلتزام العبد بها، فيرتبط الذهن بالنفع والمصلحة وينفصل عن حقيقة أن محض تحقيق الحكم هو عين الهدف المراد! وكثيراً ما نرى أن "الإختراع" بات وسيلة مناسبة لتسويق بعض التعاليم والأحكام الشرعية، إذ تُخترع للأحكام بعض المنافع، وكأن كل فصل من فصول التشريع صار معطلاً إلا إن صاحَبه تأويل براجماتى يعود بالنفع الدنيوى قبل الآخروى على العبد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير