هل أسس النبى محمد دينه على الوثنية؟ (تفنيد سخافات المدعوّ: سام شمعون)
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[12 Jun 2009, 01:46 ص]ـ
"رَمَتْنى بدائها وانْسَلَّتِ"
هل أسس النبى محمد دينه على الوثنية؟
(تفنيد سخافات المدعوّ: سام شمعون)
د. إبراهيم عوض
الوثنية، كما جاء فى تعريفها فى "الموسوعة العربية الميسرة"، هى "معتقَدٌ يقوم على عبادة غيرِ الله عز وجل أو صورٍ لآلهة أو روحٍ. وهذا التعبير يعني أيضًا عبادة الآلهة المزيفة". وفى " Encyclopædia Britannica: الموسوعة البريطانية" (إصدار 2008م) يعدد كاتب مادة " idolatry" بعضا من ألوان الوثنية قائلا إنها قد تتبدى فى تمجيد أى شخص أو أى شىء: مَلِكًا كان أو شمسًا أو حيوانًا أو صنمًا حتى لو صاحَبَ ذلك الإيمان بالله وعبادته كما حدث حين عبد بنو إسرائيل العجل الذهبى أثناء ذهاب موسى عليه السلام للقاء ربه فوق الجبل:
“ Several forms of idolatry have been distinguished. Gross، or overt، idolatry consists of explicit acts of reverence addressed to a person or an object—the sun، the king، an animal، a statue. This may exist alongside the acknowledgment of a supreme being; e.g.، Israel worshiped the golden calf at the foot of Mount Sinai، where it had encamped to receive the Law and the covenant of the one true God”
وفى موسوعة الـ" Encarta " فى نسختها الفرنسية أن الوثنية هى
“ culte voué à une image figurant un être surnaturel، dont la représentation matérielle est vénérée comme la demeure de celui-ci”.
ونطالع فى موسوعة " Laousse" الضوئية أنها " Culte rendu à des idoles ou à des créatures adorées comme la divinité même".
وثم لون آخر من الوثنية، وهو النزول بالإله من علياء مجده إلى مرتبة المخلوقات حيث يتجسد ويتعدد ويظهر للبشر عيانا بيانا، وإن كان هذا الضرب من الاعتقاد يسير فى خط معاكس لخط الوثنية السالفة الذكر، مع انتهائه فى نفس الوقت إلى ذات النقطة التى تنتهى عندها، إذ الوثنية فى أصلها هى الارتفاع بالمخلوق إلى مرتبة الخالق، بينما الاعتقاد الذى نحن بصدده ينزل بالخالق إلى مرتبة المخلوق. أما النقطة التى يلتقى عندها الخطّان فهى التسوية بين الخالق ومخلوقاته.
وقد وقع لى فى الأيام الأخيرة كتاب بعنوان "محمد والوثنية" من تأليف شخص يُسَمَّى: سام شمعون ادعى فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يمارس طقوس الوثنية قبل أن يَطْلُع على العالم بدينه، الذى كونه من تلك الطقوس بعدما أعطاه مضمونا توحيديا. ومن هذه الطقوس التى كان يمارسها الرسول الكريم حسبما ورد فى ذلك الكتاب أَكْلُه من ذبائح الأوثان وطوافه بالكعبة وسعيه بين الصفا والمروة ... إلخ. والحق أن الكتاب وصاحبه قد أضحكانى كما لم أضحك منذ وقت طويل، إذ وجدتهما ينطبق عليهما المثل العربى المعروف: "رَمَتْنى بدائها وانْسَلَّتِ". أَوَدِينُ محمد دين وثنى؟ ومن يصفه بذلك؟ إنه سام شمعون وأشباهه، الذين يفيض دينهم بالوثنيات بعد أن حرفوه وعبثوا به. أليس ذلك أمرا يبعث على القهقهة؟
ولنفترض أن الأمر كما قال سام شمعون، فهل فيه ما ينال من النبى عليه الصلاة والسلام؟ كلا وألف كلا، إذ إنه عليه السلام لم يكن فى ذلك الوقت قد أصبح نبيا يُوحَى إليه بعد، ولم يكن فى بلاد العرب دين سماوى صحيح يتبعه الناس، بل كانوا فى معظمهم وثنيين، ومن المعتاد أن يكون الإنسان على دين قومه. لقد كان من العرب من يدين باليهودية والنصرانية، إلا أن أيا من هاتين الديانتين لم تكن ديانة قوم النبى عليه السلام، ودَعْنا من أن كلتا الديانتين كانت قد تم تحريفها والعبث بها. كذلك من المعروف أن الإسلام يَجُبّ ما قبله، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولم يكن فى ذلك الوقت رسول ولا نبى يدعو الناس إلى الإيمان بما أتى به من دين مثلما وقع حين بُعِث رسول الله بعد ذلك رحمةً للعالمين. لهذا كله لا نرى، ولا يمكن أن يرى أى عاقل، فى اتباع محمد قبل البعثة ديانة قومه شيئا من الغرابة، بل العبرة كل العبرة بما بعد البعثة.
¥