تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأثير الثقافة الهلينية علي تأسيس العقائد النصرانية_ لعميد كلية اللاهوت الانجيلية]

ـ[صهيب بن هاديء]ــــــــ[15 Sep 2009, 10:30 ص]ـ

المدخل الي العهد الجديد

الدكتور القس فهيم عزيز

عميد كلية اللاهوت الانجيلية

طبعة دار الثقافة المسيحية

العلاقة التي تربط العهد الجديد بالهلينية

((66_75))

معنى الهلينية: إذا كان الأمر كذلك فما هو المعنى للهلينية؟ وماذا يقصد بها؟ يفرق العلماء بين اصطلاحيين: Hellenistic Hellenic ويقصدون بالاصطلاح الأول Hellenic الثقافة اليونانية الكلاسيكية من القرون التي سبقت مجيء الاسكندر الأكبر أي أنها الثقافة التي انتشرت في " المدن والدول" كمدينة أثينا وغيرها، وتشمل هذه الثقافة التفكير اليوناني في كل أوجهه إلى جانب العوائد والتقاليد وطرق المعيشة والسياسة، وبمعنى أدق كل نشاط برز في الحياة اليونانية سواء أكان فكرياً أم عملياً. ولقد امتازت هذه الثقافة بامتيازات سامية، فقد بدأت ترفع قيمة الفرد وحولت نظرة من السماء إلى نفسه كما ظهر في فلسفة سقراط بشعارها الخالد " اعرف نفسك" وبهذا العمل حولت الفلسفة من فلسفة إلهية تدرس ما وراء الطبيعة إلى فلسفة إنسانية تبحث في مشاكل الإنسان والمدينة. ثم هذبت الديانة فتحول الآلهة من قوى عمياء متصارعة مخيفة إلى كائنات أو آلهة أبطال يمثلون كثيراً من الصفات النبيلة بحسب التفكير اليوناني من أمثال زيوس وهرقل وغيرهما.

1 - العلاقة التي تربط العهد الجديد بالهلينية:

لا يستطيع أي دارس أن ينكر أن هناك علاقة ما بين العهد الجديد وبين تيار الثقافة الهلينية الذي ساد ذلك العصر. ولا يعقل أن الكنيسة المسيحية التي نبتت في وسط ذلك التيار الجارف ظلت بمنأى عنه غير متأثر به. ومن يفتح العهد الجديد ويقرأه لأول مرة وهو يعرف بيئة ذلك العصر، لا يخفى عليه ذلك الأثر الذي تركته تلك البيئة عليه. إن الاختلاف بين دارسي الكتاب لا ينصب على الارتباط بين العهد الجديد والمسيحية من جانب والهلينية من جانب والهلينية من جانب أخر، فغالبيتهم تقريبا متفق في ذلك، ولكن الاختلاف يكمن في تحديد نوع ذلك التأثير ومداه. ولا يسعنا هنا أن نضع تحديد لذلك قبل أن نورد بعض النقط التي عندها يتلاقى العهد الجديد بالهلينية، لنرى مقدار تأثر أحدهما بالأخر. ويمكن القول بأن أشهر المراكز الهلينية التي تهمنا في هذا المضمار هي

1. الديانات السرية.

2. الغنوسية.

(1) الديانات السرية: الديانات السرية هي أقوى محاولة قام بها الإنسان لكي يتخلص من سجن التعاسة، والإحساس بالخطبة، والخوف من الموت، ثم لضمان الخلود لنفسه. ولقد بدأت في بلاد اليونان قبل العصر الهليني في ديانتين سريتين: الأولى هي الديانة الأوروفية Orphism نسبة لذلك المعن اليوناني الأسطوري أورفوس وقد انتشرت في القرن السادس قبل الميلاد في بلاد اليونان. ثم الديانة الأسوسينية، وقد كانت الديانة الرسمية، وترتبط بالإله ديمترويوس Demeter الذي كان يمثل قيامه الحياة النباتية في الربيع بعد موتها في الشتاء"

ولكن يعد فتوحات الاسكندر بدأت الديانات تختلط بما حولها ونظراً لما كان عليه الرومانيون من تساهل وتسامح بالنسبة للديانات الأخرى فقد بدأت عناصر جديدة غريبة تدخل إلى الثقافة الهلينية وخصوصاً .. تلك الديانات والطقوس الكثيرة التي انتشرت في شرق حوض البحر البيض المتوسط. فظهرت بذلك مجموعة كبيرة من الديانات السرية ذات الطقوس الغريبة التي كان يمارسها المتمسكون بها.

ولكن ما هي الديانة السرية؟ رغم كل الاختلافات الكثيرة في التفاصيل ورغم السرية الكاملة التي كانت تفرض على طقوس الديانة وعدم البوح بها لدى إنسان خارجي، رغم ذلك فالديانات السرية كلها تشترك في عناصر أساسية لا تختلف فيها ديانتان: هذه العناصر تتلخص في أن الإنسان عنصراً إلهيا جاء من الإله من السماء، ولكن هذا العنصر السامي سجن في سجن المادة في جسد الإنسان، سجن ليتعذب ويتألم، ولابد له من التحرر من هذا السجن ليصعد إلى مصدره الذي جاء منه. ولا توجد طريقة لذلك سوى الاجتياز في اختبار الإله العميق. ذلك الاختبار هو الموت والقيامة. ولكن قبل ذلك الاختبار عليه أن يقوم ببعض الطقوس، فهناك طقس للتطهير من الخطايا، كالمعمودية، ثم هناك فريضة أخرى هي الأكل مع الإله والاشتراك معه في مائدة مقدسة واحدة هي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير