تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عباس عبد النور: محنته مع القرآن أم مع عقله؟]

ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[29 Sep 2009, 08:24 م]ـ

عباس عبد النور:

محنته مع القرآن

أم مع عقله؟

د. إبراهيم عوض

[email protected]

http://awad.phpnet.us/

بغتة وعلى غير انتظار اصطدمتُ فى المواقع والمنتديات النصرانية المهجرية بكتاب اسمه: "محنتى مع القرآن" مطبوع على غلافه أنه منشور فى دمنهور سنة 2004م وأن مؤلفه دكتور مصرى اسمه عباس عبد النور وأنه من الكتب الممنوعة من التداول. وكانت نبرة الفرح والشماتة واضحة بل صارخة فى تلك المنتديات والمواقع على اعتبار أن صاحب الكتاب عالم دينى مسلم انقلب على الإسلام وأعلن تبرؤه منه وكُفْرَه به، وأخذ يهاجمه ويهاجم الكتاب الذى نزل على نبيه مؤكدا أنه لم ينزل من السماء، وليس ثمة إله ولا يحزنون. ولقد نزّلتُ الكتاب فى التو واللحظة على جهازى وشرعت أقرأ فيه قليلا قليلا فى بعض أيام رمضان المبارك رغم انشغالى ببعض الأعمال الشديدة الأهمية. وكنت أدوّن ما يعنّ لى من ملاحظات على ما فى الكتاب كلما قرأت شيئا يستدعى ذلك.

وأول ما عن لى من تلك الملاحظات هو: هل هناك شخص حقيقى باسم عباس عبد النور؟ فأين هو؟ وما الذى يعرفه الناس عنه فى مصر، وفى دمنهور على وجه الخصوص بوصفها المدينة التى كان يعيش فيها وتعيش فيها أسرته من قبل جيلا وراء جيل، تُخَرِّج كبار علماء الدين ومشايخ الطرق؟ لقد جَشَّمْتُ صديقا لى أن يتقصى هذا الأمر فاتصل ببعض معارفه فى دمنهور فنَفَوْا أن يكون فى مدينتهم أسرة بهذا اللقب أو شخص بهذه الصفات. بل إن الإنسان ليتساءل حائرا: ترى هل لقب "عبد النور" شائع بين المسلمين المصريين؟ لقد رحت أكد ذهنى وأعصر ذاكرتى لعلى أستطيع أن أتذكر شخصا أعرفه أو سمعت به أو قرأت عنه يحمل هذا اللقب فلم يتيسر لى رغم ما بذلت من جهد جهيد. ونفس الإجابة سمعتها من كل من استطلعت رأيهم فى ذلك الموضوع. كل ما استطعنا أن نستحضره فى بالنا هو لقب "أبو النور"، أما "عبد النور" فكلا وألف كلا.

ثم إن المروجين للكتاب، ومعهم كاتب مقدمته، يذكرون للمؤلف دواوين شعرية وكتبا فى الفلسفة والدين وتفسير القرآن، ويصفونه بما يفيد أنه كان خطيبًا مِصْقَعًا، وهو ما يعنى أنه كان مشهورا بعيد الصيت، فكيف غاب عنا عالم وشاعر وخطيب ومؤلف على هذه الشاكلة؟ إننا لا نتذكر من المعروفين أرباب الكلمة من أهل دمنهور سوى د. عبد الوهاب المسيرى، وكذلك عبد المعطى المسيرى، الذى كان صاحب مقهى هناك، والذى لم أقرأ له إلا كتابا واحدا. فإذا كان عباس عبد النور له كل تلك الكتب والأشعار، وكان من الخطباء المفوهين الكبار، وكان فوق ذلك حاصلا على الدكتوراه فى الفلسفة من باريس، فكيف جهلناه وجهله غيرنا فى طول البلاد وعرضها على هذا النحو المخزى؟ أولو كان عبد النور شخصا حقيقيا، وليس شخصا مزيفا كما يقول كل شىء كتبه عنه واضع مقدمة الكتاب وكتبه هو عن نفسه فى دَرْجه، أكنا نجهله ويجهله الناس جميعا إلى هذه الدرجة؟ ترى أين تلك الكتب والدواوين التى ألفها عباس الهلاس؟ ولماذا لم نسمع بشىء منها؟

وعلى ذكر التكية التى يقول كاتب المقدمة إن عباس المحتاس كان مديرا لإحداها فى دمنهور، هل توجد حقا تكية فى دمنهور؟ فأين هى إذن؟ لقد كانت توجد تكية أو أكثر فى القاهرة، لكننا لم نسمع من قبل بوجود تكايا فى عاصمة البحيرة. ولقد قرأت للفنان المصرى التشكيلى عصمت داوستاشى عن تكية فى القاهرة فكر ذات مرة فى اللجوء إلى شيخها (الذى كانت له علاقة بأبيه) ليعيش بعيدا عن بيت الأسرة فى الإسكندرية فرارا من والدته، التى كانت تضيق برسومه وما تسببه لها من إرهاق فى تنظيف ما توسخه من أثاث البيت، وكيف استقل المواصلات حتى بلغ مدينة دمنهور حيث انتابه الخوف من تكملة المشروع، فعاد أدراجه بالقروش القليلة التى تبقت معه إلى الإسكندرية دون أن يشير إلى تلك التكية المزعومة وهو يكتب تلك الذكريات، بل دون أن تخطر فى باله مجرد خطور.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير