[في كازاخستان المسلمة .. حظر القرآن الكريم بحجة أنه "مصدر تطرف"]
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[07 Oct 2009, 01:14 م]ـ
قرار حظر تداول بعض سور القرآن أثار ردود فعل غاضبة من قبل مسلمي روسيا
المختصر/ وسط حالة من الصمت بين مسلمي جمهورية كازاخستان، أعربت شخصيات دينية في روسيا وجمهورية تشوفاشيا (إحدى جمهوريات الاتحاد الروسي) عن استيائها من الحكم القضائي غير المسبوق الذي أصدرته محكمة كازاخية بمنع جلب وترويج مئات الـ"مواد الإعلامية" بينها سور من القرآن الكريم بحجة ترويجها لـ"الفكر المتطرف"، بحسب نص الحكم.
الحكم القضائي، المثير للجدل، نشر على الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة العدل الكازاخستانية في سبتمبر 2009، برغم صدوره في يوليو الماضي من قبل محكمة في العاصمة الكازاخية أستانة، وجاء استجابة لطلب تقدم به المدعي العام في هذا البلد ذي الغالبية المسلمة الذي ينص دستوره على أنه بلد علماني برغم عضويته في منظمة المؤتمر الإسلامي.
وينص الحكم على "حظر جلب وترويج 207 مواد إعلامية بينها كتب ومنشورات وعدد من سور القرآن الكريم؛ لأنها تدعو إلى التطرف" على حد ادعاء القرار.
وبرغم عدم معرفة سور القرآن الكريم التي تم منع تداولها والترويج لها بالتحديد، فقد لاحظ مراسل "إسلام أون لاين. نت" في كازاخستان أن السلطات الأمنية هناك قامت خلال الفترة الأخيرة بعدة حملات على الأسواق قامت خلالها بسحب شرائط للقرآن الكريم بصوت الشيخ "مشاري العفاسي" شملت سور: "البقرة"، و"ق"، و"الأحقاف"، و"محمد"، و"الفتح" و"الحجرات"، و"الملك"، و"الحاقة"، و"القلم"، و"الإنسان"، و"المرسلات"، إضافة إلى سورة "الأعراف" بصوت الشيخ "فارس عباد".
صمت رسمي وإعلامي
ومن جهتها لم تبد السلطات الدينية في كازاخستان أي رد فعل على الحكم القضائي، بل أبدت الإدارة الدينية تأييدها له بخلاف ما تعلق بمنع بعض سور القرآن الكريم.
ففي تصريحات نشرها موقع "إسلام نيوز" الإثنين 5 - 10 - 2009 علقت رئيسة قسم الخبراء والتسجيل في لجنة الشئون الدينية التابعة لوزارة العدل الكازاخية، "لودميلا دانيلوفا"، على قرار المحكمة معتبرة أن "منع سور من القرآن هو قرار القاضي، ووزارة العدل ليس لها علاقة مباشرة بهذه القضية، ومثل هذا السؤال يجب أن يوجه للمدعي العام" في كازاخستان.
وبدوره، صرح الناطق باسم الإدارة الدينية الكازاخية "أونغار حاجي أميربيك" لـ"إسلام أون لاين. نت" قائلا: "نعتقد أن ما تم منعه من منشورات وكتب –سوى سور القرآن– أمر صحيح ونحن نؤيده"، لكن أميربيك أضاف مستدركا: "كنا نتمنى أن يتم التشاور معنا قبل اتخاذ هذا القرار".
في المقابل اعترض "مراد تليبيكوف"، رئيس اتحاد مسلمي كازاخستان، على الأمر بقوله: "لا يمكن أن يخطر على بال أحد أن يتم حظر سور من القرآن؛ لأن هذا يعني منع القرآن ككل".
وبالرغم من ذلك، فلم يبد الشارع الكازاخستاني ووسائل الإعلام أي تحركات تجاه القرار، وأرجع مراقبون للشأن الكازاخستاني ذلك إلى أن مثل هذه القرارات عادة ما تؤخذ في إطار "الأمن القومي الداخلي" خاصة أنها تتعلق بما يسمى "بالتطرف الإسلامي"؛ لذلك تضع السلطات هناك خطوطا حمراء على مناقشتها داخليا.
ودلل هؤلاء المراقبون على رأيهم بقيام موقع الإلكتروني لجريدة "كازاخستان اليوم" بحذف مقالة حول القرار القضائي المثير للجدل بعنوان: "محكمة أستانة تنسب التطرف لمجموعة من سور القرآن"، وكذلك تقديم جريدة "إكسبريس. ك" اعتذارا رسميا "للقراء والأمة المسلمة على المقالة التي تم نشرها تحت عنوان: سور من القرآن تحت المنع"، مدعية حصول التباس في فهم قرار المحكمة.
تفاعل الشارع الروسي
ومقابل هذا الرد الكازاخستاني الضعيف، تفاعل الشارع الروسي مع القرار وصدرت انتقادات شديدة له من قبل بعض الشخصيات الدينية في روسيا ومسلمي جمهورية "تشوفاشيا" الروسية.
وفي هذا الصدد، علمت إسلام أون لاين أن مسلمي جمهورية "تشوفاشيا" الروسية أرسلوا مؤخرا رسالة احتجاج مفتوحة إلى القيادة الكازاخية وأرسلت نسخة منها إلى السفارة الكازاخية في موسكو.
أما "محمد صلاح الدين"، مدير المجلس الإسلامي الروسي، فقد أعرب في تصريحات خاصة لـ "إسلام أون لاين. نت" عن امتعاضه لاتخاذ السلطات في كازاخستان لقرار يحظر تداول بعض سور القرآن الكريم، واعتبر أن ما حدث "مشين لكازاخستان وللنظام القضائي في هذا البلد".
وأضاف: "كل ذلك يثبت عدم أهلية النظام القضائي في كازاخستان، وأن الذين يعملون في هذا النظام يتصرفون كصبيان فيتخذون قرارات غير مسئولة لا يدرون تبعاتها".
وانتقد رئيس مجلس مفتي روسيا ورئيس الإدارة الدينية للجزء الآسيوي من روسيا انتقد القرار ووصفه بأنه "غلطة كبيرة"، وقال: "أعتقد أن ما قامت به المحكمة الكازاخية والنظام القضائي غلطة كبيرة، بل هو سوء فهم وشيء غير مفهوم بالنسبة لنا"، وأضاف: "ما قامت به المحكمة يضعف من قيمة كازاخستان في عيون المسلمين، وأعتقد أن القيادة السياسية في كازاخستان لن تسمح بهذا".
كازاخستان
يشار إلى أن كازاخستان دولة إسلامية، وعضوة في منظمة المؤتمر الإسلامي، ويمثل المسلمون أكثر من 65% من تعداد سكانها بينما يمثل المسيحيون 30%، وكانت كازاخستان ضمن ما كان يسمى سابقا بـ"الاتحاد السوفييتي"، حيث انتقلت الدولة من النظام الشيوعي إلى نظام علماني في بداية التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وإعلان استقلال الجمهورية عام 1991.
ويقول مراقبون للشأن الكازاخستاني إن منطقة آسيا الوسطى شهدت موجة من التدين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ترافقت بوجود مجموعات مسلحة، وهو ما جعل جمهوريات آسيا الوسطى كأوزبكستان وقرغيزيا وكازاخستان تشدد قبضتها على ما أسموه بـ"التطرف الإسلامي"، هذا الوضع في تلك الجمهوريات صعبا للغاية وهو ما يفسر، بحسب هؤلاء المراقبين، ظهور مثل هذه القرارات، كما يثبت بأن النظام القضائي في تلك البلدان ليس إلا أداة "لتنفيذ القرارات الصادرة من القيادات الأمنية العليا دون النظر إلى تبعات ذلك".
المصدر ( http://www.almokhtsar.com/news.php?action=show&id=118103)