تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

دعوى " أَنْسَنَة " القرآن الكريم عند محمد أركون ومناقشتها

ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Jan 2008, 10:05 ص]ـ

مقالة جيدة بعنوان: زندقة في برنامج إضاءات!

أركون ... التمهيد للردة العامة عن الإسلام

تفاجأت بإعلان المذيع السعودي: تركي الدخيل، بأنه سوف يسستضيف هذا الأسبوع في برنامجه " إضاءات "، الدكتور الجزائري المتفرنس " محمد أركون " ([1])، ومبعث الاستغراب أن هذا الرجل لا يملك أي مقوم من مقومات الفكر الصحيح، بل ولا المحايد، وجميع إنتاجه الفكري يكاد يدور حول الدعوة إلى إسقاط قدسية القرآن الكريم!!

فهو أحد الجفاة الكبار المنادين بنبذ القرآن الكريم، كما نبذت أوروبا كتابها ظهرياً!!

وقد قمتُ منذ سنوات بدراسة حول إنتاج " أركون " فوجدتُ أنه لا يعدو أن يكون زنديقاً كبيراً، إلا أن الفرق بينه وبين غيره أنه يصرح بزندقته، في حين يلمح إليها أصحابه!!

وأنوِّه إلى الدراسة المركَّزة التي أجراها أخونا الدكتور محمد بريش حول فكر أركون، وقام بتفنيد آرائه، وفضح عمالته، وقد نشرت قديماً في مجلة الهدى المغربية، حتى إن أركون قام بمراسلة المجلة ليوقف نشرها للدراسة، إلا أنه انهزم حين دعي إلى محاورة علمية مع الدكتور بريش، والوثائق حاضرة شاهدة، وأقترح على الدخيل أن يستضيف الدكتور بريش ليجلي حقيقة المسألة.

وهذا ملخص لدعوة أركون إلى أَنْسَنَة القرآن الكريم، مع مناقشتها باختصار لا يخل بالمقصود.

دعوى " أَنْسَنَة " القرآن الكريم

أ ـ تقرير الدعوى:

يَقْصِد أركون وغيره بـ" الأَنْسَنَة "؛ ذلك الموقف الذي يقدِّس الإنسانَ لذاته، ويعتبره مركزَ الكون، ومحورَ القيم ([2])، ويفرِّقون بذلك بين " المركزيَّة الإنسانية "؛ و " المركزيَّة الإلهية "، ويرون أنَّ مشكلةَ المسلمين اليوم؛ هي في إيمانهم بأن الإله هو مركز الكون، ومصدر التشريع ([3])!!

وهؤلاء يدعون إلى اعتبار " القرآن الكريم " كتاباً إنسانياً، لا ربانياً، بمعنى أنْ تُنزعَ منه القداسة والإحكام ([4])، وأن يكونَ لكلِّ فردٍ حقُّ فهمِه وتفسيرِه؛ بحسب حاجاته الإنسانية، ومقتضيات أحواله، ومن ثم فلا يصح عند هؤلاء الاستناد إلى كتاب الله الكريم في تقرير الفتاوي لعموم الأمة وخصوص الأفراد.

يقول محمد أركون: " إن القرآن ليس إلا نصاً من جملة نصوصٍ أخرى، تحتوي على نفس مستوى التعقيد، والمعاني الفوّارة الغزيرة: كالتوراة والإنجيل، والنصوص المؤسِّسَة للبوذية أو الهندوسية، وكلُّ نصٍّ تأسيسي من هذه النصوص الكبرى؛ حَظِيَ بتوسعاتٍ تاريخيةٍ معينة، وقد يحظى بتوسعاتٍ أخرى في المستقبل " ([5]) اهـ، هذا مبلغ علمه في القرآن الكريم، أنه يستوي والكتب المحرفة، أو تلك التي اكتتبها بشرٌ من البشر!!

ب ـ القائم بهذه الدعوى:

لقد تورَّطَ في شَرَك هذه البدعةِ، أعني بدعة " الأنْسَنَة "؛ بعضُ المنتسبين إلى العروبة والإسلام، وكان الذي تولَّى كِبْرَها محمد أركون ([6])،فقد تبنى هذا الرجل الدعوة إلى " أَنْسَنَة القرآن الكريم "، وكتَبَ فيها عدة كتب، وأجهَدَ نفسَه في تقريرها والمنافحَةِ عنها، إلا أنها بقِيَت قضية فلسفية غامضة، لم يستطع هو ولا رهْطُه من المتفلسفة الإنسانيين العرب ([7]) أن يقنعوا جمهور القراء بما يدَّعون، مثَلُهم في ذلك مَثَلُ المتفلسفة الوجوديين ([8]) من العرب.

ج ـ استمداد هذه الدعوى:

يستمدُّ هؤلاء أفكارهم من الفلسفات المادية القديمة والحديثة، خاصة على مستوى المناهج، وطرائق البحث والتحليل ([9])، تلك المناهج التي تعلي من شأن الإنسان والمادة، مقابلَ سلطة الدين والوحي، و "الفلسفة الإنسانية" تشبه في أفكارها وغموضها " الفلسفة الوجودية "، فكلاهما معادٍ للدين، منكرٌ للإله وللكتب والرسل في الجملة ([10])، يقول أحد الوجوديين العرب: " الينبوع الدافق الثرّ للوجود الحيّ هو دائماً الإنسان، والإنسان فحسب، وإن نسيَ هو أو تناسى

هذا الأصل فانشقَّ على نفسه، وفرض عنصراً من عناصره الوجودية على الآخر؛ حتى يجعل الصلة بينهما: صلة الخالق والمخلوق، والعابد والمعبود " ([11]) اهـ، وهذه دهرية محضة.

ويستمدُّ أركون خاصَّةً في دعوته هذه من فلاسفةٍ أوروبيين شتى، خصوصاً أولئك الذين نصروا المذهب الإنساني؛ ودعوا إليه، مثل " رينيه ديكارت " (1596ـ1650)، و " سبينوزا " (1632ـ1677م)، و " كانت " (172ـ1804م).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير